حاوره: المصطفى الحروشي
بعد المنشور الذي أصدره مؤخرا رئيس الحكومة، حول عدم برمجة المناصب المالية لبعض القطاعات برسم 2021 وتوقيف الترقيات والذي أثار جدلا واسعا وسط المواطنين وكذا السياسيين، على الصعيد الوطني و الذين وصفوا المنشور بالجائر.
وبمناسبة هذا الحدث حاورت جريدة le12.ma، عبد المطلب اعميار، فاعل حقوقي وسياسية بحزب الأصالة والمعاصرة بخصوص هذا المنشور:
بداية هل تتفقون مع منشور لرئيس الحكومة يقضى بتأجيل تسوية جميع الترقيات المبرمجة في ميزانية السنة الجارية غير المنجزة لحد الآن، وجميع مباريات التوظيف؟
“ان قرار تأجيل تسوية الترقيات المبرمجة في ميزانية السنة الجارية، غير المنجزة لحد الآن، وجميع مباريات التوظيف، ما عدا تلك التي سبق الإعلان عن نتائجها، على عكس ما كان متوقعا قرار يأتي ضد منطق التدبير السليم للمرفق العام على اعتبار أن الترقيات مبرمجة أصلا في الميزانية السنوية ولا تشكل ثقلا ماليا مقارنة مع ما تصرفه دواوين الوزراء، و بعض نفقات التسيير في العديد من القطاعات الحكومية. فكم تكلف ترقية الموظفين المبرمجة في الميزانية السنوية يا ترى مقارنة بما يهدر من المال العام من نفقات زائدة؟. كما أن مباريات التوظيف تستجيب في الأصل لحاجيات موضوعية تتطلبها العديد من المرافق والقطاعات العمومية. وهي في الأصل هزيلة ولا تغطي حتى 10 بالمائة من الحاجيات. واذا استثنينا التعليم والصحة والداخلية والأمن ، كم سيتبقى يا ترى من عدد المناصب المحدثة في قطاعات حكومية تعني في الأصل خصاصا فضيعا في الموارد البشرية منذ عقود؟. وهذه المناصب المتبقية لا تشكل أي عبئ موازناتي ومالي في الميزانية العامة. ولعل توقيفها على عكس ما صرح به المنشور الحكومي لن يحل أزمة الميزانية العامة، كما أن ادعاء تخفيف العبء عن الميزانية ادعاء باطل لأنه لو توفرت الارادة السياسية الحقيقية لما تم استهداف الموظفين والأجراء بهذا الشكل، بل لاتخذت الحكومة اجراءت تدبيرية أخرى لوقف نزيف المالية العامة ليس على حساب الأجراء والشغيلة.
الحكومة تبرر القرار بتداعيات الجائحة على الاقتصاد المغربي والميزانية العامة للدولة . ما رأيكم؟
“هذا الادعاء باطل للاعتبارات التي ذكرتها سابقا. ومواجهة تداعيات الجائحة تتطلب قرارات جريئة وسياسات أكثر فعالية. وليس بتدابير تقشفية يمكن مواجهة التبعات المالية والاقتصادية للجائحة. بل على العكس من ذلك تماما، فدعم الطلب الداخلي وتشجيع دورة الاستهلاك يتناقضان في الجوهر مع منطق التقشف الذي ستنهجه الحكومة على حساب متطلبات التوظيف على قلتها. المطلوب قانون مالي تعديلي يحافظ على المكتسبات الاجتماعية ويعزز من آليات الحماية الاجتماعية ، وفي نفس الان، التقليص من نفقات التجهيز والتسيير وكلفة الأجور والمنح لكبار موظفي الدولة، وتوظيف أموال القروض المحصلة في دعم الاستثمار الوطني، والرفع من ضريبة الأرباح على الشركات الكبرى كشركات الاتصالات مثلا“.
الا يهدد هكذا قرار بإلغاء الترقية والتوظيف هاته السنة، بعودة الاحتقان الاجتماعي الى الشارع خاصة في صفوف الموظفين والعاطلين؟
“إن المرحلة لا ينبغي أن تنسينا تبعات الوضع الاجتماعي لما قبل الجائحة. والذي كان موسوما بكثير من التوتر والاحتقان في العديد من القطاعات الاجتماعية، ولدى فئات عريضة من الشعب. وما بالك اليوم، مع النتائج والانعكاسات المترتبة عن الجائحة. ولعل أولاها فقدان فئات عريضة من المجتمع لمناصب الشغل، وفرص العمل. مع ما يستتبع ذلك من توسع دائرة البطالة بكل أنواعها. وهو ما ستكون له انعكاسات صعبة على العديد من الأسر. وعليه، فان نهج سلوك تقشفي إزاء الموظفين والأجراء والمستخدمين سيعمق من الأزمة، و ستكون له بكل تأكيد تبعات اجتماعية صعبة ستظهر على المدى القريب في النسيج الاجتماعي. والوضع العام سيحتاج ربما لمبادرات سياسية غير مسبوقة، ولقرارات اقتصادية جريئة ترسم للمغرب معالم المرحلة القادمة لما بعد الوباء“.
*عبد المطلب اعميار فاعل حقوقي وسياسية بحزب الأصالة والمعاصرة