مصطفى أمدجار

 
 لا إختلاف على أن الصحافة كصناعة تشتغل على الأخبار والمعلومات ضرورية وحيوية، ولايزال مكانها محفوظا بالنسبة لمجتمعات اليوم، وخاصة التي تثوق الى بناء مجتمع منفتح وديناميكي وتفاعلي.
 لكن بالمقابل، هناكً إجماع على أن الثورة التكنولوجية وما افرزته من أنساق  جديدة للتواصل، إن لم تكن قد قتلت فعلا النمط الكلاسيكي للإنتاج الذي تعتمده الصحافة وخاصة الورقية أَو المكتوبة فهي في الطريق الى إقباره.
 الإشكالات و”دفتر التحملات” التي يفرضها اليوم الحامل (support ) الرقمي، لا تترك هامشا كبيراً للمناورة بالنسبة للصحافة كما عهدناها حتى اليوم،  سواء بمحتواها أو بأجناسها وأساليب تركيبها وأشكال إخراجها.
إستمرارها اليوم لن يكون إلا بتطويعها وفق الخصوصية الجديدة ، وهو ما انتبهت إليه مثلا الصحافة الغربية منذ مدة…أكبر الصحف الغربية اليوم أدركت الواقع الجديد وغيرت “جلدها ” بالمعنى الايجابي للكلمة.
لقد انخرطت في التحول الرقمي، ليس فقط بتحميل نفس المواد المكتوبة في الورقي على النت، كما يحدث عندنا، ولكن بإحداث انقلاب في طبيعة الخدمة الإعلامية، وآليات التحرير والمعالجة الخبرية،  وهو ما نراه اليوم مثلا في “لومند”الفرنسية أو “الباييس “الإسبانية أو في الصحف اليابانية والالمانية، والتي تحولت إلى موسوعات رقمية حقيقيةً، تقدم كل يوم عشرات المواد الصحفية بأشكال جديدة، تجعل  القارئ المستعصي عندنا، ينخرط طواعية لديهم في الاداء والاشتراك الرقمي..
 الصحافة المغربية بتاريخها الحافل بالعطاء، وبما تزخر به من كفاءات،يمكن أن تربح رهان التحول الرقمي ، شريطة الانخراط فيه كخيار استراتيجي يرتكز الى نموذج جديد .
 في مجتمع يلتهم كل أصناف الأخبار والمعلومات، لن تعدم الصحافة المغربية مئات الآلاف من قراء يتطلعون الى منتوج يلبي حاجيات إعلام القرب لكن بجاذبية ومهنية ومستعدون للمساهمة في تمويل منتوج إعلامي كما يمولون الاشتراكات في أشياء أخرى.
 

*خبير في علوم الإعلام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *