جمال أزضوض

بدأ المغرب منذ أمس الخميس، الرّفع التدريجي لإجراءات الحجر الصّحي، وذلك بعد أن سمح للأسواق بممارسة أنشطتها التجارية والرّفع من نسبة حركة القطارات في بعض المدن والتنقل بين المدن للعاملين بالإدارات والشركات الخاصة، ثم السّماح للمقاهي والمطاعم بتقديم خدماتها عبر التسليم أو التوصيل.

ويأتي هذا قبل إحدى عشر يوماً فقط على الموعد الرّسمي الذي حدّدته وزارة الدّاخلية لرفع حالة الطوارئ الصّحية وإجراءات الحجر الصّحي.

وفي الوقت الذي يتواصل فيه تسجيل حالات إصابات جديدة بفيروس كورونا المستجد، بلغت إلى حدود السّاعة السّادسة من مساء اليوم الجمعة 29 ماي الجاري 7714 حالة إصابة مؤكدة، بعد تسجيل 71 خلال الأربعة وعشرين ساعة الأخيرة، خلقت هذه القرارات الكثير من الجدل في أوساط المجتمع بين مؤيد لفكرة التسريع بإجراءات رفع الحجر الصّحي ومعارض لها.

يونس التايب، متخصص في الحكامة المحلية والإدماج الاجتماعي والاقتصادي، قال في حوار خاص بجريدة Le12.ma، “إن رفع الحجر الصحي أمر لا بد منه”، قائلا: “الحجر الصحي مكلف للغاية، فكل يوم من أيام الطوارئ الصحية يضيع على الاقتصاد الوطني مبلغ مليار درهم. وإذا احتسبنا كل مدة الطوارئ الصحية، سنجد أن اقتصادنا سيفقد 80 مليار درهم. كما أن عددا كبيرا من المقاولات اضطرت للتوقف عن نشاطها، فيما تم التصريح بأزيد من 950.000  مستخدما متوقفا عن العمل، على مستوى أكثر من 130 ألف مقاولة. وبالتالي هم مستخدمون يحق لهم أن يستفيدوا من دعم الدولة عن طريق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وللتذكير فهذا الدعم سيكلف مبلغ ملياري درهم شهريا. وهذا ليس بالأمر الهين”.

من جهته، يرى جمال حدّادي، أستاذ جامعي، في حديثه مع جريدة Le12.ma، أنه “من المؤكد والواضح والجلي أن الدولة تتخذ قراراتها بناء على معطيات تزودها بها المصالح المختصة، وقرار رفع الحجر تدريجيا يدخل في هذا السياق نفسه، خصوصا وأن تدبير الدولة المغربية لجائحة كورونا اتسم منذ البداية بالنموذجية ليس على صعيد إفريقيا والدول العربية فحسب ولكن على الصعيد الدولي، ولعل عددا كبيرا من المنابر الصحفية دوليا حررت تقارير ومقالات مشيدة بذلك”.

وأكّد حدادي على أن السؤال المطروح قبل رفع الحجر تدريجيا كان أم كليا، هو سؤال الجاهزية، قائلا: “أما بالنسبة لوزارة الصحة فلعله من المؤكد و من خلال الارقام رغم كونها في تذبذب، لعل هذه المصالح قادرة على احتواء الوضع كما كان منذ البداية في الموجة الأولى بحيث كانت الحالات السريرية أغلبها مستقرة، وحالات الوفيات في تقلص، إضافة إلى تنبه المصالح ذاتها إلى الكشف عن حالات الإصابة وتوسيع الدائرة إلى حالات المخالطة، مع استباقية واستشرافية بحكمة وتبصر الأطباء والمشهود لهم بالخبرة في المجال.

جاهزية أخرى تطرح نفسها هنا، يضيف حدّادي، “هي جاهزية المواطن، إلى أي حد استطاع المواطن اليوم الانضباط ليس فقط إلى دعاوى الحجر الصحي بل إلى تدابير الاحتراز والاحتياط”.

 وتساءل المتحدّث إلى Le12.ma، “هل كل المواطنين يلتزمون بوضع الكمامة وضعا صحيحا وطول الوقت مع تغييرها، هل يلتزم بالبقاء على مسافة أمان محددة في متر على الأقل في أماكن الاكتظاظ، أما عن النظافة والانتباه إلى عدم لمس العين والأنف فتلك أمور بديهية، نحن شعب مسلم يتوضأ باستمرار، ومسألة النظافة تصرف بديهي وشخصي لا داعي للتركيز عليه كل مرة، فالاستهتار في وضع الكمامة بحيث لا حسيب ولا رقيب عليها رغم كثرة لغط السؤال عنها في البداية ورغم كونها متاحة من حيث الوفرة ومن حيث الثمن.

“ما دمنا نرى عددا قليلا يلتزم بوضعها الوضع الصحيح”، يزيد حدادي، فمسألة الجاهزية على المحك، تبقى مسألة مسافة الأمان وهذه تتطلب نظاما يشترك فيه مثلا الزبون و صاحب المحل بتوفير فريق السلامة لتحديد أماكن الوقوف والانتظار، والاقتصار على الخروج للضروريات عوض المبالغة في التوجه إلى أماكن الاكتظاظ لسبب أو لغير سبب، و لعل مما سيحمي أيضا الجميع توفير المطهرات والمعقمات في أغلب الفضاءات وإجبار الناس على استعمالها حماية للنفس و الغير”.

محمد جوهري، إداري بمؤسسة تعليمية وناشط حقوقي، ربط -جواباً على سؤالنا بخصوص جاهزية المغرب لما بعد رفع الحجر الصّحي- إمكانية نجاح هذه الإجراءات بنجاح الإجراءات ضد الجائحة في بداية إنتشارها في البلاد، والتي وصفها بالشجاعة، مفضلا في ذلك حماية  حياة المواطن على الاقتصاد. حسب المتحدّث.

جوهري يرى كذلك، أن “المغرب قادر وبتبصر على مواجهة التحديات بعد اتخاذه قرار رفع الحضر بشكل تدريجي بعد أن أحس بالضرر الكبير الذي لحق بالمقاولات والمواطنين في وضع هش على السواء. وقد أدرك المسؤولون كذلك”، يضيف المتحدّث، “تململ المواطن المتضرر جراء بعض الثغرات التي حصلت أثناء توزيع الإعانات حيث وجد بعض المواطنين أنفسهم مقصيين من لوائح المستفيدين”.

ويعتبر جوهري أن “ربح تحدي الرفع التدريجي وحتى لا يعود المغرب إلى نقطة الصفر -كما يحدث ألان في بعض الدول الأسيوية التي اعتقدت أنها قد تجاوزت الفيروس، حيث وجدت نفسها في مواجهة عودة كوفيد 19 من جديد- رهين باتخاذ الحذر من المسؤولين والرفع من منسوب التوعية في صفوف المواطنين وذلك بنشر الثقافة العلمية والتنبيه لخطورة الفيروس وأساسا النزول إلى الأسواق والأحياء الشعبية، حيث سيادة ثقافة اللامبالاة، بسبب عوامل كثيرة”. كما أن للإعلام، يزيد المتحدث للجريدة، دور أساسي في إبراز الوجه القبيح والبشع لهذا الفيروس الذي قد يفتك بالإنسان في أية لحظة على اعتبار انه عدو غير مرئي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. رفع الحجر الصحي رهين بدرجة وعي ومسؤولية المواطن وكل تهاون بالالتزام بمقايييس السلامة الصحية سوف تؤدي ضريبته غالية جدا،لهذا وجب علينا أن نكون مسؤولين اكثر من اي وقت مضى واننلزم دائما الحيطة والحذر.