يكشف زملاء صحفيون رياضيون، من خلال هاته الحلقات التي تنشرها الجريدة الالكترونية le12.ma عن حكايات وطرائف، عاشوا تفاصيلها المرعبة أحيانا، والمثيرة للضحك في أحايين أخرى. وهم يركبون مخاطر تجولهم في مجاهيل الأدغال الإفريقية، لتأمين نقل أخبار المنتخبات الوطنية، والأندية المغربية المشاركة في المناسبات القارية…

 من ملاحقات البوليس السري، إلى مطاردات بائعات الهوى، ومن الاعتقال التعسفي، إلى السقوط ضحايا نصب ونشل احترافي، ومن مغامرات اقتحام ملاعب دول تحت رحمة الحروب، إلى ركوب مخاطر طقوس مجتمعات إفريقيا الجنوب.. يحكي زملاء في الصحافة الرياضية، عبر هذه الحلقات، حكايات وحكايات، تستحق أن تروى…

 ضيف  اليوم، هو حسن البصري، الصحفي الرياضي والمنشط التلفزيون، واحد من أبزر الصحفيين الرياضيين المغاربة. والبداية من هنا.

 

بداية الأكيد انه عل مستوى تغطيتك لمشاركة الأندية الوطنية في المنافسات القارية عشت أو شاهدت العديد من الموافق التي تستحق الحكي، حديثا عن البعض منها؟

 

أتذكر أنه في الخامس دجنبر من سنة 2002، حطت بنا الطائرة في مطار أكرا الدولي، بعد رحلة طويلة قادت البعثة الصحافية من الدار البيضاء إلى فرانكفورت ومنها إلى غانا، قبل أن نقل حافلة صغيرة صوب أشانطي التي تبعد عن العاصمة الغانية بما لا يقل عن 400 كيلو متر. من أجل تغطية وقائع مباراة نهائي كأس الكؤوس الإفريقية بين الوداد المغربي وأشانطي كوطوطو الغاني.

طلب منا مرافقة رئيس الوداد والمدرب أوسكار والمدير التقني رشيد الطاوسي إلى قصر امبراطور أشانطي، لأن التقاليد تفرض على ضيوف المدينة التملي بطلعته والتبرك به، وهو الحاكم الروحي لمنطقة تتجاوز سواحل ووسط غانا إلى البنين وجزء من الكوت ديفوار. لبينا الدعوة على مضض رغم أننا كنا نبحث عن محل يتوفر على فاكس نرسل منه مراسلاتنا.

 

 ماذا وقع؟.

 

ركبنا سيارة نقل جماعي وتوجهنا إلى قصر أتومفو أوسي توتو القابع وسط حي عشوائي، قال لنا السائق ونحن نقف أزيد من عشر دقائق أنمام بوابة القصر الفسيح، اقترح مرافقنا على رئيس الفريق نصر الدين الدوبلالي توجيه ملتمس للإمبراطور بحضور المباراة النهائية، مشيرا إلى أن وجوده يقلل من فرص اندلاع أعمال الشغب.

 

في الطريق المؤدي إلى قاعة الاستقبال وضعت مجسمات نساء طاعنات في السن، قيل لنا إنها تماثيل لزوجاته العشرين، وقبل دخول البهو طلب منا الانحناء للملك وحذرنا من المشي أمامه منتصبي القامة.

 

كيف كان الامبراطور؟

 

 كان الامبراطور، وإسمه أتومفو، يجلس على عرشه شبه عار، وعلى جانبيه رجلان ينوبان عن مكيف الهواء في خلق انتعاشة في مناخ القاعة، التي كانت شبه فارغة، إلا من رجال مسلحين يراقبون الوضع في صمت، قبل أن يطلب منا المغادرة بهدوء.

ربما عملت على تغطية رحلات عديدة مع الرجاء البيضاوي مقارنة مع الوداد، إلى إفريقيا جنوب الصحراء، ربما حكايات تستحق أن تحكي تتعلق التمثليات الدبلوماسية.؟.

 

“نعم، دعني أبدء من هنا، حين وصلت بعثة الرجاء البيضاوي إلى مطار لاغوس اتصل المسؤول الإداري للفريق ورئيس البعثة بسفير المغرب في عاصمة نيجيريا أبوجا لإشعاره بوجود الفريق المغربي في مدينة أبا ودعوته لالتحاق بالفريق الذي كان يستعد لمواجهة فريق إنيمبا، قدم السفير عذرا أقبح من ذنب وقال إن التيار الكهربائي مقطوع عن سفارته.

 

حكايات السفراء مع المشاركات المغاربة ربما لا زال فيها ما يحكى؟

 

“نعم، حكايتنا مع السفراء تستحق أن تروى، في غاروا مثلا بشمال شرق الكاميرون خلال نهائي كأس الكؤوس بين الرجاء والقطن الكاميروني سنة 2003، غاب سفير المغرب عن المباراة وانتدب مغربيا يملك وكالة أسفار نيابة عنه في المنصة الرسمية”.

 

وماذا عن قنصل جدة؟ .

 

“أما قنصل المغرب في جدة، فعلم بوجود المنتخب المغربي في السعودية حين رأى صور اللاعبين في الجرائد وهم يؤدون مناسك العمرة، بينما كان سفيرا المغرب في مصر والجزائر أكثر جرأة حين اقتحما غرف ملابس اللاعبين ونابا عن المدربين في تقديم الخطة قبل أن يطالبهما المسؤولون بمغادرة الملعب”.

 

 هناك ربما طرائف خاصة لزيارة بعض السفراء للبعثات المغربية بإفريقيا جنوب الصحراء. ما الذي شاهدته؟

 

في كثير من الدول الإفريقية يزور سائق السفير البعثة الرياضية المغربية ليس للاطمئنان على أحوالها ومقامها بل لإرسال حقائب السفير في رحلة العودة إلى المغرب، مع ضمان بوصول الطرائد… بل إن أفراد من تمثيلية المغرب في بريتوريا بجنوب إفريقيا كانوا يرابطون أمام مقر المنتخب المغربي للحصول على تذاكر ولوج الملعب أو طلبا أقمصة الفريق الوطني”.

ماذا عن طرائف الشعوذة بالملاعب الإفريقية؟

 

في مباراة للرجاء بياوندي الكاميرونية حل مشعوذ بمقر إقامة الفريق وعرض خدماته على المسيرين وهو واثق من قدراته مما أثار سخرية رئيس البعثة عبد السلام حنات. وشاءت الأقدار أن تحتفل بعثة الرجاء البيضاوي بليلة القدر من شهر رمضان 2003 في مدينة غاروا الكاميرونية. وضعت إدارة الفندق رهن إشارة المغاربة غرفة فسيحة تحولت إلى مسجد لأداء الشعائر الدينية، بينما انشغل محمد رحيمي الشهير بيوعري، بإعداد لوازم الأمسية حيث كانت رائحة البخور تملأ المكان وأطباق التمر وكؤوس الحليب وقنينات المياه تخفف من رطوبة الفضاء، بينما كان رضوان الحيمر وعبد اللطيف جريندو يتصلون بداعية للاستفسار حول صيام اللاعبين.

 

ماهي أبرز المواقف الطريفة التي عشتها خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا في تونس2004 ؟

 

قضينا في تونس شهرا كاملا، في كل يوم نعيش مواقف جميلة وأخرى قاتمة، ما أذكره جيدا في هذه النهائيات أنها تصادفت مع في عيد الأضحى، في صباح العيد دُعي اللاعبون لاجتماع في بهو الفندق، اعتقدوا أن المدرب بادو الزاكي أرجأ التدريب إلى اليوم الموالي، قبل أن يفاجأ الجميع بالطاقم التقني في حالة تأهب لركوب الحافلة، وحين كان التونسيون منهمكين في نحر الأضاحي، كان لاعبو المنتخب المغربي يجرون حصتهم الاعتيادية في ملعب المنستير أمام استغراب حارس الملعب الذي كان يردد بنبرة غاضبة “هوا انتم مش مسلمين”.

 

 وماذا عنكم كصحفيين؟

 

أما الصحافيون المغاربة فقد تلقوا دعوة من رئيس بعثة المنتخب لتناول وجبة “استثنائية”في الفندق مدعومة من طرف السفارة المغربية، قبل أن نلتحق بمطعم “حمادة” المغربي، الذي انتهى للتو من نحر الأضحية على الطريقة المغربية.

خلال مباراة المغرب أمام الجزائر قلبت النتيجة كل التغطيات ماذا حصل معك؟

 

 بالنسبة لي كصحفي فخلال مباراة الجزائر كان منتخبنا منهزما قبيل متم المواجهة بدقائق وكنت منهمكا في كتابة المادة الإخبارية لإرسالها عبر الفاكس وقبل أن يطلق الحكم صفارته شرعت في إرسال الأوراق ووضعت عنوانا يجسد خسارتنا قبل أن أسمع وأنا في غرفة الإعلاميين صراخ الجماهير المغربية وفرحتها بتعديل النتيجة وبعدها تحولت الخسارة إلى انتصار، فكنت مضطرا تغيير المعطيات.

 

 عشية هذه المباراة حصلت مع الوفد المغربي العديد من الأمور التي لم تكن متوقعة، هل تتذكر البعض منها؟

 

من الوقائع التي ارتبطت بالحضور المغربي في المنستير، أن المدرب بادو الزاكي كان حريصا على الدفاع عن عناصره بكل صرامة، فبالرغم من الانتقادات التي وجهتها الصحافة المغربية لبعض العناصر التي يعتمد عليها المدرب إلا أن هذا الأخير دافع ببسالة عن اختياراته البشرية خاصة الثلاثي حديود وشهاب وقيسي، هذا الأخير كان موضوع نزاع داخل الوفد المغربي، بعد أن غضب الزاكي من المسؤول المالي للبعثة عبد الكريم السبيطي الذي انتقد أمام المدرب ومساعده وجود قيسي في التشكيلة معتبرا بوعبيد بودن الذي كان متألقا في تلك الفترة رفقة المنتخب الأولمبي المغربي الأفضل.تطايرت شظايا الغضب من محيا الزاكي، واعتبر تصريح المدير المالي تدخلا في اختصاصه التقني، وعقد اجتماعا في نفس الليلة مع رئيسا الوفد المدني محمد مفيد والعسكري المختار مصمم ودعا إلى منع السبيطي من التشويش على المجموعة”.

 

هل صرف المنح؟

 

نعم  لقد ألح مصصم، على ضرورة صرف مستحقات اللاعبين ومنح الدور الأول قبل أول مباراة ضد نيجيريا، وهو ما حصل في اليوم الموالي، وظل الخلاف بين الطرفين ساري المفعول إلا بعد انتهاء آخر مباريات الدور الأول.

 

 خلال تلك المنافسات ربما  كان هناك أكثر من إتصال هاتفي أجراه الملك محمد السادس مع الفريق الوطني؟

 

” أذكر أنه مباشرة بعد فوز المنتخب المغربي على نظيره المالي برباعية على أرضية ملعب سوسة يوم 11 فبراير، وفي غمرة أفراح اللاعبين ومكونات المنتخب بالفوز الذي أهل المغرب إلى النهائي التاريخي، تقدم الجنرال المختار مصمم وكان حينها برتبة كولونيل، نحو بادو الزاكي وطلب منه الانزواء في ركن من الملعب وانتظار مكالمة هاتفية من ملك البلاد محمد السادس، وهو ما تم فعلا”.

 

بعد خسارة النهائي هل جدد الملك اتصاله بالزاكي؟

 

“نعم، جدد الملك اتصاله بالمنتخب، حيث أجرى اتصالا هاتفيا عقب المباراة النهائية ضد تونس، حين ربط الاتصال بالجنرال دو كور درامي حسني بنسليمان رئيس اللجنة الأولمبية المغربية والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي التحق بالعاصمة التونسية لمتابعة المباراة النهائية من ملعب رادس، وعند مغادرة تونس نحو المغرب، في جوف الطائرة التي كانت تقل الفريق الوطني إلى مدينة أكادير، كان كل لاعب أو مؤطر يخطط لمنح الملك رسالة فالفرصة مواتية للحصول على ريع له ما يبرره، لكن تقرر جمع جميع الرسائل وتكليف عميد الفريق نور الدين النيبت بالحديث إلى عاهل البلاد عما يختمر في ذهن اللاعبين من انشغالات”.

 

ماذا حصل؟.

 

في منتصف شهر فبراير، استقبل ملك البلاد بقاعة العرش بالقصر الملكي بأكادير أعضاء الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، بعد العرض الجيد الذي قدموه في الأدوار النهائية لكأس إفريقيا للأمم، ووشح خلال هذا الحفل أعضاء الفريق الوطني وكذا الطاقم التقني والإداري والطبي بأوسمة ملكية، ومن الأمور التي استأثرت بانتباه عناصر المنتخب المغربي حرص الملك على المساواة في العطاء بين جميع مكونات الفريق الوطني، حيث سلم منحة لكل عنصر قيمتها 100 مليون سنتيم، لا فرق بين المدرب والمكلف بالأمتعة، في اليوم الموالي كتبت صحيفة الصريح التونسية الخبر تحت عنوان: “المغاربة خسروا النهائي وانتصروا على تونس في المنحة”.

 

ماذا عن طريفة ملاحقتك من طرف امن تونس؟

 

تظل تونس في ذهني حاضرة بالاستنفار الأمني، فقد حصل خطأ في حاسوب أمن المطار جعل المسؤولين يعتقدون أن لي علاقة بإدريس البصري فظلوا يراقبون تحركاتي في مدنية سوسة رفقة المنتخب المحلي.

محمد سليكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *