هل يحق للمغاربة ان يناقشوا ويتفاعلوا مع الخُرجة الإعلامية للسيد رئيس الحكومة، ويعبروا عن مواقفهم ازائها ومستوى اقتناعهم بما عبر عنه الرجل من افكار ورؤى وتصورات، ان وجدت؟

وهل يشفع لهم التراكم الديمقراطي الذي دفعوا ثمنه في مسار بناء الديمقراطية المغربية الطويل، لينتقدوا أداء السياسيين حكوميين كانوا او حزبين بشكل محترم ورصين؟

لا اعتقد ان مسألة التعبير عن الرأي، لتقييم او انتقاد اداء أي فاعل عمومي، تثير أي أشكال كيفما كان سياسيًا او اخلاقيا او حتى قانونيًا في بلد كالمغرب، اللهم ادا تحول الأمر الى سب او قذف او تشهير فتلك مسالة أخرى.

لكن الخطير والمؤسف هو حينما تتحول الأحزاب نفسها الى أدوات للرقابة ومصادرة الرأي في الوقت الذي يؤمل منها الدفاع عنه، عبر تجييش الجيوش الإلكترونية للنيل من المنتقدين وتخويفهم في تهديد مباشر لحرية الرأي التي يدعون تجنيًا انهم من المنافحين عنها، او عبر استغلال فضاءات النقاش السياسي الدستورية للتنديد بتدوينة صغيرة في صفحة شخصية المفروض انها مجال للتعبير عن الخواطر وتقاسم التهاني مع الأصدقاء.

لم اكن أظن قط ان اجتماع لجنة المالية الذي يناقش قانون المالية، باعتباره وثيقة ترهن حياة المغاربة لمدة سنة او اكثر ـ ان تعلق الأمر بسياسات عمومية تمتد على مدى سنوات- والذي يتطلب ذكاءا جماعيًا لاقتراح حلول لمشكلات الميزانية المزمنة كالعجز والتضخم والمديونية والسياسات الضريبية… 

لم اكن أتوقع ان يتحول الى جلسة للتنديد القوي بتدوينة سابقة لي حول الانحناءة المهينة لرئيس الحكومة أمام الرئيس بوتين، في مرافعة نارية حد رفع العقيرة واستعمال كل وسائل الشجب والاستنكار.

قد لا يحتاج التضييق على الرأي ومصادرة الحريات التي أفنى عليها شباب من خيرة ابناء هذا الشعب حياتهم امنوا بقدسيتها و حتميتها الى قانون جديد ولد يتيما بالرغم من إقرار رئاسة الحكومة بالمصادقة عليه، لتتقاذفه الأيدي كحبة بطاطا ملتهبة، وبدل الجهد في دفع التهم والتنصل من المسؤولية عبر التسريب المبتور للقانون و المذكرات اخر الليل، والظهور أمام الشعب بمظهر الرافض المغلوب على أمره، بل يكفي ان تجيش الجيوش وتعطي الأوامر للكتائب للنيل من الخصوم وتهديد حرياتهم.

في تقديري الخاص ومن خلال تتبعي للخرجة المعلومة، رئيس الحكومة جاء على عجل لغاية في نفسه يعلمها هو وبعض حواريه الذين اوحوا له بالخروج، ولم يأتي ليخاطب المواطنين الذين ينتظرون تخفيفا او رفعا للحجر الصحي او تحديدا لتاريخ الامتحانات او موعد عودة أبنائهم وإخوانهم العالقين بالخارج الذين ذهب بعضهم للتطبيب او زيارة الأهل فوجدوا أنفسهم عالقين لحوالي الشهرين ليبشرهم ان العودة بعد فتح الحدود وكأن الحدود ستفتح أمام الجن لا الإنس.

رئيس الحكومة للأسف يفكر ويحسب انتخابيا أكثر منه حكوميا وهذا في تقديري أساس المعضلة وجوهرها، والإضعاف الذي تعرضت له مؤسسة دستورية بحجم رئاسة الحكومة لن تبدده تطمينات الإجماع الوطني المفترى عليه الذي يغطي العجز وقيلة الحيلة.

المصطفى بايتاس -نائب برلماني 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *