عادل الزعري الجابري (و. م. ع.)

بعد الفشل الذريع لمناوراتهما ومحاولاتهما اليائسة التأثير على النظام القضائي الاروبي وتوجيهه، بهدف النيل من الأمن القانوني للاتفاقيات التجارية التي تربط المغرب بشركائه، انتقلت الجزائر والبوليساريو إلى الاستغلال المغرّض للحقل الفني النبيل، عبر مبادرة بئيسة ترمي إلى تشويه ذاكرة الجنود المغاربة الذين سقطوا في ساحة الشرف دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة.

ووفق ما أفادت قصاصة لوكالة الانباء الجزائرية بأن “مركز جورج بومبيدو يخصص رواقا لمقاومة الشعب الصحراوي”، دون أن تغفل بطبيعة الحال تغليفَ ذلك بطابع دعائيّ تتفنن هذه الوكالة في إتقانه كلما تعلق الأمر بالإساءة إلى المغرب. ولم يجد صاحب هذه المبادرة السخيفة، المدعو جان لامور، وسيلة للترويج لمغالطات مثل هذه سوى شريط فيديو تم تصويره سرا، في أجواء عاتمة، تظهر فيه بضعة كتب وأشياء ترى بالكاد، زاعما أن الأمر يتعلق بعمل “مجهول” لا يحمل اسما ولا يُعرف معدّوه، بادر إليه ائتلاف “غير رسمي”..

يا لها من شجاعة!

بل الأدهى من ذلك، يقر صاحب المبادرة، الذي يدّعي كونه فنانا ندر نفسه للدفاع عن القضايا الإنسانية، بكل وقاحة ودون أن يرف له جفن، أن الأمر يتعلق بـ”صور عثر عليها داخل محافظ جنود مغاربة في الحرب ضد البوليساريو، تخص زوجاتهم وأطفالهم وأُسرهم”. بعبارة أخرى، فإننا أمام عمل وحشي يتمثل في تجريد القتلى من ممتلكاتهم والاتجار فيها، بغية تشويه ذاكرة الشهداء والمس بشرف كل الذين قاتلوا من اجل استكمال الوحدة الترابية للمملكة. فما هي يا ترى الدوافع الحقيقية التي تبرر مثل هذه الخطوة الدنيئة، التي لا تمتّ للفن بأية صلة.

فهل يتعلق الأمر بخدعة حاكتها الجزائر والبوليساريو الهدف من ورائها النيل من مسلسل تسوية قضية الصحراء المغربية، أم بخطأ لمركز جورج بومبيدو ارتُكب دون علم مسؤوليه أو بمساعدة بعض المتواطئين؟!

ولم يمر هذا الفعل، غير المفهوم والمدان، على أكثر من مستوى، مرور الكرام في المغرب، إذ أثار ذهول واستغراب الأوساط الفنية والسياسية، خاصة أن مركز بومبيدو يحظى بتقدير كبير.

في هذا السياق، وجّه مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، رسالة احتجاج إلى رئيس المركز. وقال قطبي في رسالته”إنه سوء فهم حقيقي حول دوافع مؤسستكم للمشاركة في الدعاية لحركة انفصالية، ممولة بشكل فاضح من قبل الجزائر”.

وبعد أن ذكّر بأنه تلقى هذا الخبر عبر قصاصة لوكالة الانباء الجزائرية، وضح قطبي أن موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية هو الأكثر ثباتا ووضوحا إزاء الحقوق الشرعية للمغرب في هذه الربوع من المملكة، مشيرا إلى أن هذه المبادرة السياسوية لا ترتكز على أي أسس موضوعية أو قيمة فنية تبررها؛ مؤكدا أنه تم التلاعب بالنوايا الحقيقية لحامل هذا المشروع.

وأعرب المتحدث ذاته عن اقتناعه بأن “تحقيقا من رئيس مركز بومبيدو كفيل بالكشف عن حقيقة هذه العملية للأجهزة الجزائرية”. وأضاف أن “السمعة الدولية التي يتمتع بها مركزكم وتميزه الفني وصرامته الأكاديمية، دون الحديث عن روابط الصداقة الحقيقية التي تجمع المركز بالعديد من المؤسسات العالمية، لن يؤثر فيها مثل هذا النوع من المبادرات التي لا تمتّ بصلة لقضيتنا المشتركة التي يجسدها الفن”.

كما أكدت مصادر مقربة من مركز بومبيدو أن الأمر يتعلق بكل تأكيد بعملية تمّت في خرق تام للقواعد المعمول بها. وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، يبقى التحقيق وحده الكفيل بالكشف عن مزيد من التوضيحات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *