عندما تخرج لاقتناء ضروريات الحياة تلاحظ في الشارع طرقا غريبة في التعامل مع القناع الصحي الذي أصبح وضعه إجباريا بحكم القانون عند الخروج إلى الشارع.

فهناك من يعلقه حول عنقه مثل تميمة، وهناك من يخفي به فمه فيما يعفي من ذلك أنفه، وكأن أنفه لا يدخل ضمن جهازه التنفسي، وهناك من يعلقه في أذن واحدة ويتركه متدليا مثل مقلاع، مثلما صنع رئيس الحكومة في البرلمان.

وكل هؤلاء المواطنين يظهر عليهم أنهم يضعون القناع مكرهين وأنه لولا الغرامة التي تهددهم لما وضعوه أصلا.

ولذلك فهم يلعبون بالقناع لعبة الغميضة، فيلبسونه نصف لبسة وأعينهم على رجال السلطة حتى يعدلوه ويلبسوه بالشكل الصحيح بمجرد ما يلمحون كسوة رجال المخزن تلوح من بعيد.

هذا يذكرني بمشكلة المغاربة مع حزام السلامة، فهناك من يشتري حزاما مستعملا من لافيراي ويغلق به تلك الفتحة التي تشده حتى يتجنب سماع تنبيه السيارة المزعج، متناسيا أن الحزام موجود لضمان سلامته.

هذه الطريقة السخيفة والخطيرة في التعامل مع القناع الصحي تضرب في العمق كل الجهود التي من أجلها يتم تصنيع الملايين منها وتوزيعها بهذا الثمن الزهيد، في وقت تتقاتل فيه بلدان أخرى وتخصص الميزانيات الضخمة من أجل الحصول عليها.

إن هذا السلوك المنحرف في التعاطي مع وسيلة من وسائل الوقاية يجد صداه في الطريقة المستخفة التي يتعامل بها رئيس الحكومة مع القناع داخل مؤسسة رئاسة الحكومة، حيث يتجنب وضعه، وفي البرلمان حيث يضعه بطريقة غريبة لم يسبقه إليها أي مسؤول في العالم.

السيد رئيس الحكومة، لا داعي لكي تنزع قناعك لكي تتحدث ويسمعك الناس في البرلمان، لأن القناع يعطيك هذه الإمكانية، يمكنك أن تتكلم وراء قناعك، فالقناع أصلا وجد لكي يمنع خروج الرذاذ من الفم أثناء الكلام، وأنت ما شاء الله كنت تتكلم بصوت مرتفع ورذاذ لعابك يتطاير ويطير في الجو لأمتار قبل أن يحط على الطاولة أو الأرضية.

ثم إن الناس عندما يرونك تعلق قناعك في أذن واحدة وتتركه متدليا على وجهك بتلك الطريقة المضحكة فإنك تنزع الجدية عن هذا الإجراء الوقائي الهام وتحوله لأداة للسخرية، وما هو كذلك.

يمكن أن يكون الإنسان غير متفق مع إجراء معين، لكن احترام هذا الإجراء والإلتزام به يصبح إجباريا طالما أن القانون يفرضه على الجميع.

من المفروض أن يكون رئيس الحكومة قدوة في احترام الإجراءات الصحية وأن يعطي المثال للآخرين لكي يحتذوا به.

 

*رشيد نيني مدير النشر لمجموعة أوال

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *