مصطفى قسيوي

 

قال المحامي والسياسي عبد اللطيف أوعمو إن محنة كورونا أعادت للمغاربة الثقة في الدولة والمؤسسات بحيث خلقت وعي جماعي لدى جميع فئات ومكونات المجتمع المغربي بضرورة مواجهة الوباء في كتلة موحدة إلى جانب الدولة ومختلف السلطات المختصة .

وأضاف النقيب والقيادي بحزب التقدم والاشتراكية  في حوار أجرته معه الجريدة الإلكترونية le12.ma ، أن الإجراءات الإستباقية المتخذة من قبل المغرب على جميع المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية خلقت نوع من الوعي المجتمعي بالاندماج والانضمام إلى المؤسسات خاصة في ظل حالة الطوارئ الصحية.

ويرى النقيب أوعمو أن ما رافق تلك الإجراءات من بعض التجاوزات التي تبقى مجرد نزوات شخصية سواء لبعض رجال السلطات العمومية أو بعض المواطنين الطائشين ولا يمكن اعتبارها خروجا عن القانون أو مسا بحريات الأشخاص بل صورة تعكس حكامة  وحذر الدولة في تدبير حالة طوارئ صحية تقتضي تسخير كل إمكانياتها في سبيل حماية المواطنين والسهر على أمنهم .

تفاصيل أوفى في نص الحوار التالي .

بداية كيف تقيمون الوضع الحالي المرتبط بانتشار فيروس كورونا ببلادنا والإجراءات المصاحبة لمواجهة تداعياته الصحية والاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية  والاقتصادية؟

“في اعتقادي السؤال الجوهري المطروح اليوم هو علاقة الدولة بالمجتمع والمواطنين ، فالدولة بحكم الدستور تتحمل مسؤولية حماية المواطنين وتوفير الأمن بما فيه الأمن الصحي والغذائي، ولعل هذه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الدولة، هو ما تجسد اليوم من خلال  مختلف الإجراءات الاستباقية  للحد من انتشار الفيروس ومواجهة تداعياته وانعكاساته على مختلف المستويات وكذلك الإجراءات التي تعكف مختلف السلطات المغربية المختصة على إيجادها تحسبا لأي تطورات في الوضع، وكل هذا لا يمكن إلا اعتباره عمل جبار أعاد للمغاربة الثقة في الدولة والمؤسسات وخلق وعي جماعي بالاندماج والانضمام إلى المؤسسات مما شكل وحدة وطنية قوامها التضامن والتآزر. وفعلا نحن ماضون في الطريق الصحيح نحو تطويق الوباء وتجفيف منابعه”.

لكن على أي خلاصات يستند تقييمكم هذا؟.

“الخلاصات الأساسية هو هذه الإجراءات الإستبقاية وتلك التي يتم التفكير والعمل على انجازها وتفعيلها سواء على مستوى إغلاق الحدود وتعزيز الطاقة الاستيعابية للمستشفيات وشراء الأدوية والتجهيزات الطبية وصناعتها أو على المستوى الاجتماعي والذي كانت أولى مبادرة في هذا الاتجاه من طرف صاحب الجلالة بإحداث صندوق لمواجهة الفيروس وانعكاساته على المغاربة وعلى الاقتصاد الوطني والتي واكبتها  لجنة اليقظة الاقتصادية  التي اتخذت إجراءات قصد المحافظة على التوازنات سواء بالنسبة للأسر أو المقاولات بالإضافة إلى مختلف التدابير الأخرى بمختلف الوزارات والقطاعات .

وكل هذه الخلاصات يمكن تلخيصها في ثلاث محاول أولها إحداث وعي قوي بحماية النفس وحماية الفضاء المحيط بالإنسان أي عزل كل شخص مصاب وعلاجه حتى لا ينقل العدوى للآخرين ثم عدم الاستسلام بحيث يجب أن نواجه الوباء بإيمان كبير دون أن نجهز على المكتسبات التي تصب في اتجاه تحقيق التنمية والتقدم والمجتمعي، وهذا ما نجح المغرب إلى حد الآن في تحقيقه بفضل قيادة الملك وانخراط الحكومة ومختلف السلطات العمومية المختصة و باقي الفاعلين السياسيين والاقتصاديين وفعاليات المجتمع المدني ومختلف شرائح المجتمع التي أبانت عن نضج كبير وتفاعل مع مبادرات الدولة وإجراءاتها وخاصة بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية”.

لكن هناك بعض الفئات لم تلتزم بالحظر وخلقت صعوبات للأجهزة الأمنية التي بدورها قامت بعدة اعتقالات هناك من وصفها بالتعسفية ، كيف تفسرون هذا بصفتكم محام وحقوقي ، وألا يشكل هذا نوع من التعسف على حريات الأفراد وينقل صورة تسيء لبعض رجال السلطة؟.

“أعتقد أن المطلوب هو تحقيق حكامة رشيدة في ممارسة علاقة الدولة بالمجتمع ، فمسؤولية الدولة الكبرى كما سبق أن قلت هي حماية رعاياها والسهر على أمنهم الصحي والغذائي  وحماية ممتلكاتهم ، وهذا ما تقوم به الدولة المغربية الآن وبشكل سليم، فنحن في حالة استثنائية وظرفية بسبب جائحة كورونا ولهذا كان لزاما على الدولة أن تسخر كافة إمكانياتها لإنقاذ صحة المواطنين وتتخذ كافة الإجراءات حسب ما تقتضيه خطورة الوطن  لكن في إطار القانون عن طريق سن مراسيم حكومية وعرضها على البرلمان و هو ما نلمسه اليوم والمؤشرات التي تظهر ذلك أن أغلبية المغاربة لبوا نداء الوحدة و ترسخت من جديد قيم التضامن وتقبل قرارات الدولة والخضوع لها وكذلك مساهمة جل المغاربة في الجهود المبذولة لاجتياز عن طريق تطبيقهم للحجر المنزلي ،هذا مع ممارسة الحريات بشكل عادي .

أما بعض التصرفات من قبيل التمرد على قرارات رجال القوات العمومية أو تعسف بعض من هؤلاء فتبقى حالات معزولة ومزاجية مرتبطة بالأشخاص وتحدث حتى في الحالات العادية  ولا تمس أبدا بصورة الدولة ولا بحريات الأشخاص وحقوقهم “.

نعم ، وفي إطار مسؤولية الدولة على حماية المواطن، ماذا عن وضع المهاجرين المغاربة الخارج في هذا الظرف الطارئ، وما مدى تدخلها لإرجاع مواطنين مغاربة وجدوا أنفسهم عالقين بدول ومطارات أجنبية  بعد قرار تعليق الرحلات الجوية ؟

” في هاته الحالة يجب النظر إلى التزامات وواجبات الدولة في الحفاظ على مصالح مواطنيها خرج أرض الوطن ولهذا وجدت التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية، ومن حسن الحظ أن أغلب المغاربة المهاجرين يتواجدون ببلدان تتواجد بها تمثيليات المغرب الديبلوماسية وهذه فرصتها لتقوم بعملها على الشكل الأنسب وتقوم بجمع المعطيات عن المهاجرين المغاربة من حيث عددهم ومن حيث عدد المصابين والقيام بالتدابير اللازمة لحمياتهم وإرجاع المواطنين المغاربة العالقين للعودة إلى عملهم أو منازلهم ، لكن لا أعتقد أن السفارات والقنصليات تقوم بكل هذا وهنا وفي انتظار إيجاد حلول وصيغ لهذا المشكل المطروح سواء بالنسبة لكل حالة على حدة أو بشكل جماعي، لابد من ضمان شروط الراحة والحماية لهؤلاء المواطنين المغاربة مادام أن وجود الحل الفوري، غير ممكن بسبب الإغلاق الكلي للمطارات والحدود سواء من طرف المغرب أو من باقي الدول، ومادام أن هذه الإجراء اتخذ كضرورة وطنية ودولية لحماية الرعايا ومحاصرة الفيروس”.

 

* عبد اللطيف أوعمو حقوقي وقيادي بارز بحزب التقدم والاشتراكية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. Salam une excellent interview avec notre éminent cher Maître Ouammou Abdellatif. Son point de vue étais une synthèse juste claire et véridique sur la pandémie et la stratégie de l état pour faire face à cette diffusion d épidémie mortelle . Encore une bravo pour l engagement et le dévouement de notre Maitre O.A