بقلم: عمر الشرقاوي

أكن الكثير من الاحترام والتقدير للسيدة نبيلة منيب، واعتبرها من بين النماذج السياسية الناجحة للمرأة المغربية، لم انخرط في حملة الجلد التي تعرضت لها منيب خلال ترويجها لفكر المؤامرة بخصوص كورونا، لكن خلال لقاء أمس نظمته مؤسسة الفقيه التطواني فوجئت بل صدمت بسبب دعوة منيب الحكومة والدولة المغربية بالتمرد وعدم أداء ديونها الخارجية.

لا أخفيكم أني وجدت في خطاب منيب الذي لم تنتبه له وسائل الإعلام نبرة بعيدة كل البعد عن المسؤولية السياسية وأخلاق من يفترض أنهم من المسؤولين المحتملين لتدبير شؤون الدولة.

لا أخفيكم أني لم أستوعب من شخصية تقود حزبا ممثلا في البرلمان وربما قد تكون عضو في حكومة مقبلة، خطابا يضرب في الصميم مقتضيات القانون الدولي والعلاقات الدولية والاتفاقيات الدولية والشخصية المعنوية للدولة المغربية التي تفرض عليها احترام التزاماتها الدولية.

لا ننكر أن عدد من الثوار في أمريكا اللاتينية، خلال القرن الماضي، قادوا تمردات ضد القروض الخارجية ربما واحدة من أشهر تلك الحوادث هي امتناع المكسيك في عام 1861 عن سداد ديونها لكل من بريطانيا وإسبانيا وفرنسا، مما دفع الدول الثلاث لغزو المكسيك، وهناك حالات تمرد أخرى في الإكوادور والأرجنتين وكوبا لكن جميعها باءت بالفشل.

يبدو أن منيب تعيش على إيقاع يسار ثوري طوباوي من زمن آخر غير زماننا، ولم تستوعب أنه لم يعد بإمكان أي دولة مهما كان الإجماع داخلها وجرأة أو حماقة مسؤوليها مجرد التلويح بذلك الخيار ناهيك عن استخدامه أصلا؟

أتصور أن من حق رموز المعارضة أن يصعدوا إلى الجبل في قضايا مجتمعية، لكسب بعض النقاط السياسية حتى في زمن الوباء، لكن ليس إلى درجة الحمق وإطلاق الكلام على عواهنه. ينبغي أن تدرك السيدة منيب، أن كلامها تناقلته العشرات من المراسلات للهيئات الديبلوماسية والمؤسسات الدولية المقيمة ببلادنا وقد يكون لهذا التلويح عواقب مالية جسيمة، فمن هذا المقترض الأحمق دولة أو مؤسسة يمكن أن يغامر بأمواله ويقرضها لبلد يلوح زعماءه بالتمرد عن السداد؟ ومن هذا المستثمر الأصكع الذي قد يستثمر في بلد يهدد بعدم سداد الديون الخارجية؟ ومن هاته الدولة التي ستسمح لرعاياها بالسياحة في بلد يلمح بعض مسؤوليه برفض سداد ديونه؟ من هاته الحكومات التي ستقبل اقتناء صادرات بلد يفكر في تعليق الديون؟ ومن هي الدولة التي ستسمح للمغاربة بالمهجر بتحويل العملة الصعبة لبلد رفض تسديد ديونه؟

ما هو غائب عن منيب، أن القطاع البنكي العالمي أخطبوط كبير، هو ليس مجموعة من أثرياء أو أبناك المتفرقة هو شبكة من المصالح والمؤسسات والدول تعمل بشكل جماعي، وأي دولة ستقرر التخلف عن سداد ديونها ستجد النظام المالي العالمي بالكامل ضدها وسيفضي بها الأمر حتما للخنق المؤدي للموت.

٠عمر الشرقاوي (أستاذ جامعي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *