منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد بدأت معالم أزمة اقتصادية عالمية تلوح في الأفق خاصة بعد تزايد حالات الإصابة بجميع الدول ومنها بلادنا وإن بشكل محدود جدا بحكم الإجراءات الاحترازية الاستباقية التي اتخذها المغرب.

 لكن مع تزايد الحالات المصابة وفرض حالة الطوارئ الصحية التي تسببت في معاناة الكثير من الأسر والمقاولات بدأ السؤال يطرح نفسه حول مدى قدرة المغرب على تجاوز هذه المحنة الصحية والقضاء على تبعاتها الاجتماعية والاقتصادية؟ وهل المقاولات المغربية المتضررة ستعود لعافيتها وتستطيع إنقاذ الاقتصاد الوطني وعودة الرواج للأسواق التجارية والمالية، وخاصة قطاع تكنولوجيا المعلوميات والخدمات المرحلة الذي أضحى إحدى لبنات الاقتصاد في ظل العولمة وعالم الرقمنة؟ هل المغرب بات مطالبا بالتحول مغرب رقمي في معاملته الادارية والتجارية وغيرها؟.

 للحديث عن هذا الموضوع تستضيف الجريدة الالكترونية المغربيةLE12.MA  سلوى قرقري بلقزيز مديرة شركة للمعلوميات ونائبة رئيسة الفيدرالية الوطنية لتكنولوجيا المعلوميات والاتصالات والخدمات المرحلة، حيث كان الحوار التالي.

 

حوار: مصطفى قسيوي

 

 

كيف ترون الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة المغربية والسلطات المختصة للحد من انتشار فيروس كورونا ومواجهة تداعياته الصحية والاجتماعية والاقتصادية سيما أن حالات الإصابة في تطور مستمر رغم كل هاته الإجراءات المتخذة ؟.

 

” أعتقد أن المحنة الصحية التي نعيشها اليوم أزمة صعبة غير مسبوقة، حيث تتزايد أعداد المصابين في كل ربوع العالم  وبدورها بلادنا  تسجل حالات ولو كانت تبقى غير مخيفة فإن القدرة الاستيعابية الغير كافية  لمستشفياتنا والاحتقان القائم حول شراء المعدات والكمامات الوقائية يبرر قلقنا وهواجسنا، لكن اليقظة و الاستباقية التي تعاملت بها الدولة المغربية ستبدد كل هاته التوجسات، وأنا شخصيا جد فخورة لرد فعل سلطاتنا المختصة وبالإجراءات الاحترازية المتخذة وبمدى فعاليتها كما أنني معتزة  بامتثال المواطنين المغاربة لقرار حالة الطوارئ الصحية وبقاءهم في منازلهم رغم الظروف الصعبة  للكثير منهم، كما أنني فخورة بحملات التضامن  والتطوع  من لدن جميع فئات المجتمع وطاقاته السياسية والاقتصادية والتي انطلقت مباشرة بعد إعلان ملك البلاد عن إحداث صندوق لمواجهة الوباء وإن كنت أستطيع أن أجزم بأن عدد الوفيات سوف لن يتجاوز العشرات وأننا سنخرج من المحنة في بضعة أيام قادمة إذا ما التزم المغاربة بالحجر المنزلي .

وعلى المستوى السيوسيو – إقتصادي أعتبر أن محنة فيروس كورونا خلفت أزمة اقتصادية غير مسبوقة وكل مؤشراتها الأولية توحي بسيناريو شبيه بشبح الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 2008 أو حتى بأزمة سنة 1929 ، وهنا أحيي عمل لجنة اليقظة الاقتصادية على سهرها على دعم الفئات الاجتماعية  والأسر المتضررة وكذلك المقاولات وأحيي انخراط المؤسسات البنكية على منحها تسهيلات لزبنائها من الأفراد والشركات كما أحيي جهود كل القوات العمومية الوطنية والقطاعات الحكومية المتدخلة وباقي المؤسسات العمومية وشبه العمومية التي انخرطت في عملية التضامن وقدمت مساهمات كبيرة لفائدة الصندوق  .

 

بصفتكم صاحبة مقاولة في قطاع تكنولوجيا المعلوميات وعضو فاعل في فيدرالية تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات والخدمات المرحلة، كيف تقيمون تأثير الجائحة على هذا القطاع الحيوي علما أن هناك من يرى أنه قطاع مستفيد بحكم تزايد الإقبال على الحلول المعلوماتية بعض فرض حالة الطوارئ الصحية ؟.

 

في الحقيقة   لقد ساهمت تكنولوجيا المعلوميات والرقمنة بلا شك في التخفيف من معاناة المغاربة خلال  مرحلة الحجر الصحي وشخصيا وجدت نفسي كربة مقاولة أكثر تحملا للعزلة الصحية بالمنزل بفضل شبكات الإنترنت عبر الهاتف المحمول ، وعلى هاتفي الذكي ، فلم أنفصل تمامًا عن معارفي، ولم أجد صعوبة كبيرة في مواصلة العمل وإدارة مشاريعي وبعض الملفات وعقد الاجتماعات بسبب توفر تقنية الفيديو كما أن ابني يتابع تكوينه بانتظام في جامعة بالخارج  بدون أدنى صعوبات .

لكن هل هذا هو الحال والوضع بالنسبة لجميع المغاربة؟.

 أعتقد أن هناك معاناة حقيقة لكثير من المغاربة الذين فرض عليهم الحجر الصحي خاصة مما لا يشتغلون بواسطة التكنولوجيا، وهذا ما جعلني خلال أربع سنوات قضيتها على رأس الفيدرالية الوطنية لتكنولوجيا المعلوميات والخدمات عن بعد  (APEBI ، أسلط  الضوء على أهمية الرقمية لمجتمعنا وقمت بنشر كتاب أبيض يتضمن جميع توصيات الفيدرالبية  حتى يكون المغرب  عالم الرقمنة في  القرن الواحد والعشرين .وعلى كل  فالأزمة الحالية  كما لها تداعياتها السلبية ستكون لها إيجابيات تجعلنا ندرك مدى أهمية الثورة التكنولوجيا التي نقم بها .

 وبخصوص تأثير الأزمة على قطاع تكنولوجيا المعلوميات أؤكد أن هناك طلب مرتفع على بعض الشركات في قطاعنا خلال هذه الفترة من قبل الإدارات أو الشركات خاصة بعد صدور مذكرة وزارة الاقتصاد والمالية وقرار لجنة اليقظة الاقتصادية  حين حث الإدارات على استخدام التقنيات الجديدة لضمان استمرارية الخدمة العمومية ، ولكن في معظم الحالات ، فإن الملاحظات السلبية هي التي تسود سواء في قطاع التعليم العمومي والخاص بعد إجراء مواصلة الدراسة والتكوين عن بعد ، وكذلك بالنسبة لمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والمقاولات الأخرى .

ومع كل هذا  فإنني لا أعرف كيف أجيب على سؤال تداعيات الأزمة على قطاع تكنولوجيا المعلوميات، إلا من خلال هاته التساؤلات : من يمكنه تحديد تبعات المحنة ومدتها. إلى متى سيستمر الحجر المنزلي الصحي ؟ كيف سيتم القضاء على الفيروس ؟ هل هناك خطر عودة انتشار الفيروس إذا لم يتم حماية المواطنين أثناء فترة الحجر الصحي ؟ ما هي الصدمة الجيو- سياسية التي ستنعش الاقتصاد الوطني من جديد ؟ كيف ستتصرف الدولة فيما بعد الأزمة ؟ ماذا سيحدث في الولايات المتحدة التي تتحكم في وتيرة الاقتصاد العالمي. ماذا سيحدث في أفريقيا التي تعتبر سوقا تجاريا لمعظم شركاتنا  ومقاولاتنا ؟ الاستنتاج الإيجابي ربما عن كل هاته التساؤلات التي تهم بالأساس قطاع تكنولوجيا المعلوميات هو هل سيستطيع العالم في القرن الحادي والعشرين بعد مرحلة فيروس كورونا المستجد  أن يكون عالما رقميا أم لا  ؟ ، أعتقد أن تجاوز كل الضغوط سيبقى متوقفا على الاجتهاد في هذا المجال وعلى قدرة الدول وخاصة بلادنا على ولوج عالم الرقمنة من بابه الواسع.

هل التدابير المتخذة لحد الآن ستكون لها فاعليتها في تجاوز تبعات الأزمة وخصوصا بالنسبة للقطاع الذي تشتغلون به ؟.

أعتقد أن المطلب المستعجل حاليا هو مساعدة الأشخاص الأكثر حرمانًا، والذين يزيد من حرمانهم الحجز المنزلي الصحي من جميع موارد العيش، بما في ذلك حتى المساعدة التي يتلقونها في بعض الأحيان من أقاربهم.  إنه أمر غريب.

أما بالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلوميات والخدمات خلال هاته المرحلة،  فأرى أنه يجب على كل رجل أعمال أن يسأل نفسه أكثر عما يمكنه القيام به لتقديم المساعدة  وإذا ما تم استئناف العمل بالنسبة للعديد من الشركات والمقاولات  في غضون الأيام القليلة القادمة، طبعا مع تجنب الاندفاع قبل الأزمة، أو التباطؤ المستمر في العمل  فإنه سيمكن احتواء التبعات السلبية وتعويض الخسائر، لكن بالنسبة للكثيرين سيكون التعافي الاقتصادي صعبًا وقد تكون الخسائر غير قابلة  للتعويض ، وهذا ما يوحي بأن السنة ستكون سنة صعبة  للغاية بالنسبة للجميع”.

 لكن أعتقد أن الدولة تعي هاته الاكراهات وبادرت الى تنفيذ مجموعة من المبادرات؟

أجل، أجل، أعتقد أن ما قامت بها الدولة والمؤسسات المختصة من إعفاء إئتماني وتأجيل مواعيد أداء القروض و الضريبة على الشركات ، وغيرها من الإجراءات التنظيمية أو المالية أو النقدية  كلها تسير في اتجاه إعادة التوازن إلى الأسواق لكن فيما يخص القطاعات التي تعيش أو ستواجه مشاكل معينة ، أعتقد أنه سيكون من الضروري وضع تصور لإيجاد  حلول ناجعة وأنا متأكدة من أن لجنة المراقبة واليقظة الاقتصادية ستعثر على الإجراءات المناسبة حسب مسار تطورات الوضع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *