رشيد مشقاقة*
تبذل جهة التشريع مجهودا شاقا في أفق صياغة نص قانوني، تمر صناعته عبر محطات متعددة ليخرج إلى حيز التنفيذ..
هذا الجهد وتلك الاختلافات والاقتراحات وسبل التوافق ومضامينها لا تصل، مطلقا، إلى جهة التنفيذ، قضاءً كانت أم محاماة أم غيرها من المهن القضائية.
ينشأ عن هذا الغياب فهمٌ افتراضي احتمالي لإرادة المشرّع قد يصيب الهدف أو يخطئه. وتختلف سبل التعاطي مع النص القانوني بالقدر الذي يفقده المرامي المتوخاة من تشريعه. بل قد تكون المناقشات الدائرة حوله بعد دخوله حيز التنفيذ هي ذاتها التي سبقت صياغته لترسو على نسق معبن؛ ما يضيع جهد القائمين على التشريع سدى.
يتحول النص، وفق هذا الأسلوب في التطبيق، إلى لوحة تشكيلية أشبه ما تكون الجوكندا. اختلف الشّارحون حول تفسير بسمتها. ومنهم من ذهب إلى القول إن شكل ابتسامتها يوحي بأنها كانت وقت رسْم ليوناردو دافتشي لها حاملا! ومنهم من قال إنها من جنس ذكر وليست أنثى..
تسألني عن الحل، قول لك إن أي قانون في الشكل أو الموضوع لا بد أن تتصدره مذكرته الإيضاحية. خذ النموذج المصري، مثلا. تجد بين يدي رجل القانون الممارس في التقنين ذاته تصديرا بالآراء والاقتراحات التي انتهت إلى الصيغ المجمع عليها، حتى إذا شاء القاضي أو المحامي أو كل من يمارس مهنة قضائية ما تأوبل النص في خانة فهم معين حالت دون ذلك المذكرة الإيضاحية، المفسرة لمفهوم النص وغاية المشرع من سنه.
ليس بين يدي القاضي المغربي مذكرة إيضاحية لنصوص القانون، لذلك تتسع مساحة التأويل وتبتعد لما تضل عن إرادة المشرّع. وأحيانا، يتقلد القاضي سلطة التشربع في ما لا اجتهاد فيه. ويظن البعض منا أن ما وقف عليه القاضي في ما فسر به قاعدة قانونية ما لم يطف بخلد المشرّع ما دام لا يجد بين يديه مذكرة إيضاحبة في الموضوع. لذا نرى، من باب ترشيد عمل رجال القانون الممارسين، وضع مذكرة بأسباب نزول القاعدة القانونية ومذكرة توضح مضمونها وتحدد أهدافها… حتى لا تتحول القاعدة القانونية إلى لوحة الموناليزا، يحتار في تفسير بسمتها الحائرون!
*رئيس المنتدى المغربي للقضاة الباحثين
