في مشهد يعيد الجدل حول مناخ الأعمال والتنسيق الإداري، أقدمت السلطات المحلية بإقليم النواصر، صباح اليوم الأربعاء 12 نونبر الجاري، على هدم مشروع سياحي واستثماري ضخم بمنطقة بوسكورة.

وقد تم هذا القرار الصادم بناءً على تعليمات مباشرة من عامل الإقليم، جلال بنحيون.

مشروع بـ “ملايير الدراهم” يُنهيه قرار الهدم

المشروع المهدوم، والذي كان يوشك على الانتهاء بعد سنوات من العمل، كان يُنتظر أن يمثل إضافة نوعية للوجهة السياحية والاقتصادية في بوسكورة والدار البيضاء عموماً.

كان المخطط يضم فندقاً مصنفاً وقصراً عصرياً للمؤتمرات، ما كان سيضع المنطقة في صدارة الوجهات القادرة على استقطاب الفعاليات الكبرى، خصوصاً في سياق الاستعدادات الوطنية لاحتضان كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030.

صاحب المشروع، الذي استثمر ملايير الدراهم وشيّد هذا الفضاء على مدى سنوات، أعرب عن صدمته، مؤكداً أن المخالفات التعميرية التي بررت بها السلطات قرار الهدم كانت بسيطة ولا تستدعي إتلاف المشروع برّمته.

وكان من المتوقع أن يُسهم المشروع في تشغيل عشرات اليد العاملة وخلق دينامية اقتصادية منتظرة في المنطقة.

تساؤلات حول رسالة القرار ومناخ الاستثمار

أثار هذا القرار المفاجئ موجة من الغضب والاستغراب في أوساط الفاعلين الاقتصاديين والمهتمين بالشأن المحلي.

ويرى الكثيرون أن اللجوء إلى خيار الهدم الكلي يمثل رسالة سلبية للمستثمرين، ويقوض الجهود الوطنية الرامية إلى جلب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتحفيز المقاولات على المساهمة الفعالة في التنمية، وتحسين مؤشر بيئة الأعمال في المملكة.

العامل بنحيون.. من “تشجيع الاستثمار” إلى “أمر الهدم”

تزداد التساؤلات حدةً بالنظر إلى المسار المهني لعامل الإقليم، جلال بنحيون، الذي شغل سابقاً منصب مدير المركز الجهوي للاستثمار بجهة طنجة–تطوان–الحسيمة سنة 2021.

هذا المنصب، بطبيعته، يرتبط ارتباطاً مباشراً بتبسيط المساطر وتذليل العقبات أمام المستثمرين.

يطرح المتتبعون سؤالاً جوهرياً: هل غياب مقاربات بديلة كـ “التسوية” أو “المعالجة الإدارية” للمخالفات، وعدم تفعيل التنسيق بين السلطات والمستثمر، هو الحل الوحيد حتى في المشاريع الاستراتيجية؟

هل يتعارض القرار مع التوجيهات الملكية؟

يضع هذا الهدم المؤلم والمُرعب للاستثمارات، سواء المغربية أو الأجنبية، السلطات المحلية في مواجهة مباشرة مع التوجيهات الملكية السامية.

وكان آخرها خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية يوم 10 أكتوبر 2025، حيث دعا جلالته إلى تسريع وتيرة التنمية وخلق فرص الشغل للشباب، والتأكيد على أن البرامج والمشاريع يجب أن تحدث أثراً فعلياً في حياة المواطنين.

هذا القرار، يراه الكثيرون، يهدد بتقويض الثقة ويعارض روح التوجيهات الملكية الرامية إلى تحقيق “التطوير البلاد وتحسين ظروف العيش”، عبر تحفيز المشاريع الكبرى والمبادرات الاجتماعية على حد سواء.

دعوات للتدخل الرسمي

في الوقت الذي تنتظر فيه الأوساط الاقتصادية توضيحات رسمية، تتجه الأنظار نحو وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، باعتباره الوصي الأول على الوزارة صاحبة القرار.

يطالب الفاعلون بتدخل مباشر لوضع حد لمثل هذه الإجراءات التي يُخشى أن تعرقل مسار المغرب الطموح نحو أن يصبح مركزاً إقليمياً جاذباً للاستثمار.

ويبقى مشروع بوسكورة المهدوم مثالاً صارخاً لحالة التضارب بين الرغبة المعلنة في تشجيع الاستثمار وواقع الممارسات الإدارية التي قد تودي بأكبر المبادرات التنموية.

إدريس لكبيش / Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *