المصطفى مورادي*

في سنوات السبعينيات والثمانينات السوداء، لم يكن أكثر المغاربة تشاؤما ليتصور بأن هذا سيحصل:
قبل 2011 كانت نقط الضوء النادرة في تعليمنا العمومي هي الأقسام التحضيرية وكليات الطب والصيدلة ومدارس المهندسين (المؤسسات ذات الاستقطاب المحدود) ما يعني أن أبناء الفقراء والأغنياء يبدؤون مشوارهم بتعليمين منفصلين (خاص/ عام) ولكن المتميزين من الفئتين يلتقون في التعليم العالي العام. ولنركز هنا على الالتقاء وما يعني من تكافؤ للفرص والمساواة و… و… و…
لكنْ في 2019 تمت خوصصة هذه التكوينيات النخبوية، ليُصبح التميّز بالاجتهاد تمييزا على أساس المال: كن غنيا وكن ما شئت: طبيبا أو مهندسا أو خبيرا. كن فقيرا وستكون مجرد رقم من ضمن 800 ألف طالب في الجامعات العمومية.. وإذا أغضبك هذا ونظمت احتجاجا داخل الجامعة، فإن التعديلات الجديدة في القانون الجنائي تعدُك بزنزانة لمدة قد تصل لثلاث سنوات سجنا!
المسلسل بدأ تحديدا سنة 2014، حين كان سيء الذّكْر لحسن الداودي الأداةَ التي دشّنت هذا المسلسل؛ ليصل الرقم إلى 12 جامعة خاصة، ثلاث منها للصحة؛ والرقم في ارتفاع!
آخر حلقات هذا المسلسل الكريه والحقير: إنشاء أقسام تحضيرية خاصة داخل هذه الجامعات! لتنغلق دائرة التعليم الخاص تماما، من المهد إلى اللحد! والحكومة ستجري تعديلات على قانون 001 الخاص بالتعليم العالي لشرعنة هذا التمييز.
والأخطر هو استنزاف القطاع العام باستقطاب الأساتذة المبرزين وأساتذة الثانوي المتميزين للتدريس في هذه الأقسام التحضيرية الخاصة. والبداية، السنة المقبلة، ستكون من جامعة الزهراوي الدولية الخاصة.
تنويه: الدخول الدراسي المقبل سيكون بشعار “من أجل مدرسة مواطنة دامجة”!
(…)
اللهم إن فقراء هذه الأمة يشكون إليك ضعف قوتهم وقلة حيلتهم!….
***
*خبير تربوي
