لكن لما أرادوا إدخالنا للسّكويلة أواخر الخمسينات  أسرعوا بالتخلص من الݣرن لأنه لم يكن يلاَئم مظهر تلميذ عَصري متحضّر ، حين يصبح الطفل عرضَةً للاستهزَاء والتّنمر من طرف المعلمين خاصةً الفرنسيين .

*حسَن الرّحيبي

هكذا كنا في طفولتنا الأولى ، ضَفائر أو قرون نتبارىٰ حول طولها والاعتنَاء بها ..إذ قبل الالتحاق بالجّامع كل صَباح كانت تضفر وتدهن بزيت العود أو زيت الرّاس الذي لم يكن الأهَالي يأكلونه.

 بل يسمّونها “زيت الرّاس” لأنهم اعتقدوا أن مهمته محصَورة في وظيفة تمشيط شعر الرأس وضفره ب”الكرَارَة” أي قطعة من الثوب تمدّ دَاخل خصلة الشعر وتضفَر أو تبرم معها .. 

من أطول قرون ذلك الزمان عندنا بالصّديݣات ݣرن احمد ولد العبدي ، وݣرن بلبشير وأنا أيضاً ..

لكن لما أرادوا إدخالنا للسّكويلة أواخر الخمسينات  أسرعوا بالتخلص من الݣرن لأنه لم يكن يلاَئم مظهر تلميذ عَصري متحضّر ، حين يصبح الطفل عرضَةً للاستهزَاء والتّنمر من طرف المعلمين خاصةً الفرنسيين ، في وقت كانت موضُوعات الكتب نفسها المدرسية الفرنسية مليئة بالطرائف والسخرية من الأقرع أو le teigneux وصَباح الخير بوكريشة صَباح الخير بوالرّكابي bonjour boukricha bonjour bourrkabi .. بينما كان علاَل يطوي ݣرنه العظيم تحت الطاݣية بحجم كبير ، وكأنه حنش بوضرݣة ضَارب الطّبّيݣة.. عززوا مواقفهم هذه بصور يبدو فيها مجموعة من الأطفال نزعوا طاݣية الطفل الأقرَع وتركوه ملوماً محسوراً منُه للسّما ، وَاضعاً كفيه على رأسه المسلوخ والمليء نخّالة بيضَا ..

 فيما أصبحنا نسميه اليوم بالتّنمّر ، الذي أصبح يؤذي ويؤلم التلاميذ المختلفين ويعرضُهم للإهانة والسّخرية ويدفعهم للمغادرة والهدر المدرسي ..

بل كان سي لحبيب يهددنا بوضع حنش مكانه إن جئنا به مرةً أخرىٰ ..

إذا أضَفنا له لباس جلّابية ثوب الشّيباني الرّهيف ، وتشامير الختان الأبيض بالرّݣّابية  تحيط بالعنق ، نتعارك ونعيّر أحدنا: تشاميرك كي تشَامير بلّحسَن راجل الزّاهية !

 الفرق هنا أن الݣرن يكون في الجانب الأيمن .الملاحظة الثانية أننا كنا نتخذ منه وسيلة هجومية ودفاعية بالأخذ من القرون وجرّها بقوة والتجاذب عند الخصام والصّراع داخل الجّامع ، حول وسائل الإنتاج من صمصار وسمق وقلم قصبي أو اللّوحة أو مجرد دُغمة خبز(مُضغة بالفصحى) ، حين كان يبقى الطّائح اكثر من النّايض أو الوَاݣف .. أو نصبح في وضعية “عرّام تْشيشْ التحتاني مَا يعيشْ”!

طبعاً كل شكل من الحلاقة له قصّة وتاريخ يعود لاستناد (مسعمدَة) العائلة على اولاد سيدي فارس ولهم شكلهم الخاصّ ، او اولاد بنيفو أو لخيايطة أو لغليميين أو طريقة سيدي داود احرير أو سيدي بوشتا الرّݣراݣي أو اولاد عميرة واولاد مول البرݣي أو اولاد بنيفو ..

 لكل وشمه وطالعه الخاصّ بأنواع الشّرفَا ومدى نجاعتهم وسلطتهم الرّوحية .. وحقوق الطبع محفوظَة للمخترع !.

رَحم اللّه أصدقاءنا الأطفال الذي ماتوا صغاراً مثل سي محمد ولد سي عبد العزيز والذين خلفوا أطفالاً ..وأطال بعمر الباقي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *