محمد التويجر*
إقالة جامعة كرة القدم للمدير التقني الوطني ناصر لارغيت كانت متوقعة إلى حد كبير، بالنظر إلى توالي الهزات التي أبقتنا غائبين مغيبين عن المحافل المرتبطة بالفئات العمرية، دون المنتخب الأول. ويبدو أن المُقال نفسه كان على علم بمآله، جامعا حقائبه منتظرا فقط التأشير على صك الإقالة.
لكن الطريقة التي تم بها تعميم خبر الإقالة واختزاله في أربعة سطور بكماء -صماء تزيد الوضع التباسا أكثر من أن تسهم في كشف خباياه.. فالبلاغات وجدت لإعطاء إفادات ضافية وكشف الأسباب والمسببات التي فرضت فك الارتباط بعد “شهر عسل” عمّر خمس سنوات، وما تمخض عن ذلك من صرف أموال خيالية بلا طائل.
من ضمن عناصر بلاغ الجامعة نقرأ: “إعادة النظر في هيكلة الإدارة التقنية الوطنية لتواكب الأهداف المسطرة من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم”.
ورب متسائل: أين كانت الجامعة حين كان لارغيت مسؤولا أول عن الإدارة التقنية وهيكلتها، مدبرا لدواليبها، إذا لم تكن مواكبة للأهداف المسطرة من لدن الجامعة ذاتها؟ ولماذا لم تتدخل الرئاسة لتصحيح الاختلالات ورده إلى جادة الصواب في الوقت المناسب؟
أن تعمد الجامعة، بعدما وقعت الفأس في الرأس، إلى تكوين لجنة من الخبراء التقنيين لاختيار بديل لارغيت ووضع الإستراتيجية الجديدة للإدارة التقنية الجديدة شيء مشجع ومستحب، لأنها ستوكل لذوي الاختصاص ما يفترض أن يقوموا به منذ البدء، بدل الانتظارية التي خلفت الكوارث:
-مدراء تقنيون جهويون، غالبيتهم أشباح (قبل أن تتدخل رئاسة الجامعة لفك الارتباط بمن لا فائدة في مواصلة الارتباط به).
-إقصاءات بالجملة مست منتخب الشابات -الفتيان، ينضاف إليه الظهور الباهت للشبان في “كان” تنزانيا الأخير، خسارة الأولمبي مواجهته أمام الكونغو الديمقراطية بالقدم قبل أن يربحها بالقلم.
ثم ما الذي يمنع الجامعة من إطلاع الرأي العام على مكونات لجنة الخبراء هذه؟ هل هم مغاربة، أجانب أم فسيفساء يجمع الفئتين؟
من حق عشاق كرة القدم المغربية إشراكهم في شؤون رياضة توحد الجميع خلفها، القاسم المشترك بينهم جميعهم أملهم في رؤية علم المملكة خفاقا بانتظام في كبريات المحافل الدولية (مونديال روسيا آخر تجليات هذا الحب المتبادل) فذلك أضعف الإيمان، كما يقول علماءنا الأجلاء.
ولنأتِ إلى تغريدة الناخب رونار، الذي سبق للهولندي مارك فوت أن حمّله مباشرةً مسؤولية خسارة موقعة الكونغو الإقصائية، قبل أن ينقذنا اعتراض الجامعة من إقصاء وشيك، لأنه تصرف بأنانية، مقررا الاحتفاظ بثلاثة عناصر كان فوت في حاجة إليهم لإشراكهم في ودية الأرجنتين ومباراة الملاوي الشكلية.
فكس بلاغ الجامعة الذي يحمل لارغيت كل النكبات، نجد رونار يرمي لارغيط بالورود، منوها بعبقريته وإتقانه عمله وروح التضحية لديه وأن الفضل، كل الفضل، يعود إليه بمعية، مصطفى حجي، في إقناعه بقبول الإشراف على المنتخب و… و… (انتبهوا كثيرا إلى مغزى الجملة الأخيرة)..
تغريدة -تخريجة رونار زادت الوضع لبسا، فإذا كانت هذه هي مؤهلات لارغيت، فلماذا خصته الجامعة بهذا البلاغ ذي المضمون المختصر، كثير القراءات والمواقف المتمخضة عنه؟
نعم لحرية التعبير وإبداء المواقف، لكن الوضع لا يستقيم إذا أصر المتعاقد على معاكسة توجه المؤسسة التي تشغله، وإلا أحال هذا الاختلال على وجود حركة شد وجذب خفية بين مختلف مكونات المنظومة، ما يصيب حركتها بالوهن ويهددها بالشلل، فالمنطقي أن يعزف الجميع سمفونية موحدة لا تشوبها شائبة.
لقد قررت الجامعة طي لارغيت، وهذا من حقها لأنها المسؤولة الأولى عن تنزيل إستراتجية تطوير الممارسة والارتقاء بالمنتوج الكروي المغربي نحو الأفضل…
والآن، ونحن نستشرف مرحلة جديدة، نتخوف من أن تكون الإقالة تلك الشجرة التي تخفي الغابة وأن يقدم لارغيت كبش فداء لإخفاء مسؤوليات قائمة، لأن هناك العشرات ممن استفادوا من ضرع بقرة الإدارة التقنية الحلوب لسنوات، ويجب أن تشملهم أيضا مكنسة الجامعة جميعهم، بدل تحميل ناصر لارغيط مسؤولية ما حصل.
قبل الختم، أهمس في آذان القيمين على الأخيرة : تأكدوا أن التواصل المنتظم، الشفاف، والراوي لضمأ المتعطشين من وسائل إعلام الجادة طبعا، بدون إقصاء ولا انتقاء، أينما كانوا، في المغرب وخارجه، بمثابة صمام أمان وجهاز دفع متين ييسر عملية الالتفاف حول مشروع تعميم الممارسة وتحقيق الطفرة المنشودة.
***
