في ردٍ مفصل وغير مسبوق، اختار يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة، فتح النقاش علناً للرد على التصريحات الأخيرة لزميله عبد الله البقالي، والتي وجه فيها انتقادات ضمنية وصريحة لعمل الهيئة، خاصة فيما يتعلق بملف حميد المهداوي وقضية منح البطاقة المهنية.
وأكد مجاهد، في مستهل حديثه، أنه مضطر للرد علناً انطلاقاً من القضايا التي أثارها البقالي بنفسه، مشدداً على أن مداولات المجلس سرية بموجب المادة 10 من النظام الأساسي، التي تمنع الأعضاء من إعلان أي موقف علني حول القضايا التي اطلعوا عليها أو ساهموا في البت فيها.
قضية المهداوي.. نفي قاطع لـ “تهمة الاستهداف”
نفى رئيس الهيئة بشدة ما وصفه بـ “تهمة خطيرة” وجهها البقالي حول استهداف المهداوي، مطالباً بتقديم الأدلة على هذه المزاعم.
واستعرض المتحدث مسار ثلاث قضايا عُرضت على الهيئة ضد المهداوي، مؤكداً أن هذا الأخير “ربح اثنتين من ثلاث” الشكاية الأولى تقدم بها أجير، وحكمت لجنة الوساطة والتحكيم فيها لصالحه، والثانية جاءت من ناشر، وخلصت لجنة الأخلاقيات فيها أيضاً إلى حكم لصالحه.
أما بخصوص القضية الثالثة المتعلقة بالإحالة الذاتية، فقد أسفرت عن قرار بسحب البطاقة لمدة سنة، وهو قرار تم التراجع فيه عن منع الدعم، شأنه شأن مئات الحالات الأخرى التي عرضت على اللجنة.
وقال مجاهد ”لا يمكن الحديث عن استهداف لصحفي ربح قضيتين من أصل ثلاث، بينما أصدرت اللجنة أكثر من 230 قراراً تأديبياً، شملت سحب البطاقات، دون أن يُثار بشأنها ادعاء الاستهداف.”
نقطة التوتر.. حضور المحامين
وأوضح مجاهد أن التوتر الذي أحاط بملف المهداوي لم يكن حول مضمون القضايا، بل حول تأويل نصّ قانوني يتعلق بحضور هيئة الدفاع.
فبينما كان اجتهاد لجنة الأخلاقيات يقضي بالاكتفاء بصيغة المفرد الواردة في النص (“يؤازر بمحام أو زميل”)، كانت هيئة الدفاع تطالب بحضور جماعي.
وقال مجاهد: “هذا خلاف قانوني بسيط… لا يبرر التوتر”، مؤكداً أنه قدم وزميله خالد الحري، اعتذارهما عن أي مصطلحات “غير لائقة” تم تسريبها من الاجتماع الداخلي، مؤكداً احترام الهيئة لأسرة الدفاع.
معيار “اليوتيوب”.. قاعدة أقرّها الجميع بمساهمة البقالي
انتقل مجاهد إلى قضية معايير منح بطاقة الصحافة، كاشفاً عن خلاف حول ملف صحفي أراد فيه البقالي (رئيس لجنة البطاقة) اتخاذ قرار انفرادي، وهو ما اعترض عليه عضو آخر في اللجنة.
وأوضح المتحدث أن الجمعية العمومية قررت بالإجماع عدم منح بطاقة الصحافة لمن يُصرح بأن مصدر دخله الأساسي والوحيد هو منصة “يوتيوب”.
والمفاجأة التي كشفها مجاهد هي أن هذا القرار، الذي يهدف إلى الحفاظ على معايير المهنة وعدم فتح الباب أمام منح آلاف البطاقات لـ “صناع المحتوى”، جاء بناءً على إصرار البقالي نفسه ليصبح “قاعدة” تطبق على الجميع، معبراً عن استغرابه من اعتراضه الحالي على قاعدة هو من ساهم في صياغتها.
الأنظمة الخاصة.. اجتهاد لسد الثغرات القانونية
وفي دفاعه عن الإجراءات الداخلية، أكد مجاهد أن المجلس اضطر لوضع “اجتهادات” أو “أنظمة خاصة” لملء الثغرات القانونية في القانون الأساسي والمرسوم، مستنداً إلى المادة 2 من القانون.
ومن أمثلة ذلك تحديد الحد الأدنى للأجر في 4000 درهم، وتحديد معايير الصحفيين الشرفيين و”الفريلانس”.
وأشار إلى أن النظام الخاص الذي تم تدقيقه ونشره هدف إلى تبسيط الإجراءات للمرتفقين، متحدياً أي طرف بأن يثبت وجود بند فيه خارج عن القانون.
وأوضح مجاهد سبب عدم نشر لوائح الصحفيين رغم مساعيه، مشيراً إلى أنه تفاوض مع لجنة المعطيات الشخصية لأكثر من سنة للموافقة على النشر.
إلا أن هيئات مهنية محترمة اعترضت رسمياً على النشر، مؤكدة أن المجلس “لا يملك الحق في القانون” لنشر أسماء أعضائها.
نحو تقوية المقاولة الصحفية
في الختام، شدد مجاهد على أن توجيه تهمة “الاستهداف” خطير جداً، ودعا إلى اللجوء إلى القضاء إذا كانت هناك فعلاً حجج تثبت المؤامرة أو التزوير.
وكشف مجاهد أن من بين المقترحات المقدمة للحكومة هي الفصل النهائي للجنة البطاقة عن مجلس الأخلاقيات، حيث أن المجالس الأخلاقية حول العالم لا تتكلف بالولوج إلى المهنة.
وشدد على أن الحل الجذري يكمن في تقوية المقاولة الصحفية، حيث أن هشاشة المقاولات وغير المهيكلة تشكل جزءاً كبيراً من المشاكل التي يواجهها القطاع.
وبذلك، حاول يونس مجاهد تفكيك نقاط الخلاف الواحدة تلو الأخرى، مؤكداً أن القرارات المتخذة كانت جماعية وقائمة على أسس قانونية، نافياً بشكل قاطع وجود أي تآمر أو استهداف لأي شخص داخل الهيئة.
إدريس لكبيش/ Le12.ma
