في خطوة قضائية حاسمة، قررت النيابة العامة متابعة الأستاذ أحمد قيلش وخمسة متهمين آخرين، وإحالتهم على محكمة الاستئناف بمراكش، حيث من المقرر أن تنعقد أولى جلسات محاكمتهم بتاريخ 12 دجنبر 2025.
هذا الملف، الذي بات يُعرف إعلامياً بقضية “بيع شهادات الماستر” أو “ماستر قيلش”، فجّر فضيحة مدوية في الأوساط الأكاديمية والقضائية بالمغرب، كاشفاً عن شبكة يشتبه في تورطها في تلاعبات خطيرة تمس نزاهة الحصول على الشهادات الجامعية العليا.
تكييف التهم.. الارتشاء واستغلال النفوذ على رأس القائمة
تُعدّ التهم الموجهة للمتابعين في هذا الملف من أخطر الجرائم المالية والإدارية، ما يعكس مدى حجم الخرق للقوانين والأنظمة المعمول بها.
ويواجه الأستاذ الجامعي المتهم أحمد قيلش تهمتي الارتشاء واستغلال النفوذ المفترض.
وتشير التحقيقات إلى أن المبالغ المالية التي تم تداولها في إطار هذه التلاعبات، وقُدرت بملايين الدراهم، كانت مقابل تمكين أشخاص من شهادات الماستر بشكل غير قانوني، متجاوزاً بذلك الضوابط الأكاديمية ومعايير الاستحقاق.
أما بقية المتهمين، فيواجهون تهماً تتكامل مع التهم الموجهة للمتهم الرئيسي، مما يرسم صورة لشبكة منظمة.
المتهم الثاني، إ.ل، متابع في تهم المشاركة في الارتشاء والإرشاء المباشر، بينما يُلاحق المتهم الثالث، ح.ح، بتهم المشاركة في الارتشاء واستغلال النفوذ المفترض.
وفي ذات السياق، يُتابع كل من المتهم الرابع، ب.ح، والمتهم الخامس، ز.م، بتهم المشاركة في الارتشاء واستغلال النفوذ المفترض، ما يؤكد أن القضية تشمل أكثر من طرف وأنها مرتبطة بشبكة يشتبه في تورطها في عمليات غير قانونية للحصول على شهادات الماستر.
إن تكييف التهم على هذا النحو يؤكد أن القضية لا تتعلق بحالة فساد فردية معزولة، بل بشبكة واسعة ومتشعبة استفادت من موقع الأستاذ الجامعي المتهم ونفوذ باقي المتهمين لتجاوز الإجراءات القانونية والأكاديمية، بهدف تحقيق الثراء غير المشروع على حساب مصلحة عامة هي جودة التعليم العالي.
تداعيات القضية على قطاع التعليم العالي
لقد أثارت هذه الفضيحة موجة من الجدل والغضب في الأوساط الأكاديمية والسياسية، وكشفت عن تحديات عميقة تواجه الجامعة المغربية.
إن بيع شهادات الماستر يُشكّل ضربة قاصمة لصدقية الدبلومات الجامعية، ويقوّض مبدأ تكافؤ الفرص، حيث يتم إقصاء الطلبة الكفؤين والمجتهدين لصالح من يدفع.
ويرى العديد من المراقبين أن هذه القضية ليست حالة شاذة، بل مؤشر على فساد هيكلي ينخر بعض المؤسسات التعليمية، ويستدعي تدخلاً جذرياً من الوزارة الوصية لفرض الحكامة والشفافية.
كما تعالت الأصوات المطالبة بمحاسبة كل من استفاد من هذه الشهادات المشبوهة، خاصة وأن بعض الحاصلين عليها قد تمكنوا من ولوج مهن حساسة والوظائف الإدارية الهامة، مما يفرض مراجعة شرعية توظيفهم وكفاءتهم لشغل مناصبهم.
في انتظار العدالة
تحويل الملف إلى محكمة الاستئناف بمراكش يُعدّ مرحلة مفصلية، إذ سيخضع المتهمون للمحاكمة العلنية أمام غرفة جرائم الأموال.
وتنتظر الجامعة المغربية والرأي العام قرار القضاء، الذي سيحدد مصير المتهمين وسيكون له دور كبير في ترسيخ مبدأ المساءلة والعدالة.
إن المحاكمة المرتقبة في 12 دجنبر 2025 تمثل اختباراً لمدى قدرة القضاء على تفكيك هذه الشبكات وحماية الجامعة من الممارسات التي تهدد نزاهتها ومستقبل أجيال من الطلبة.
*إدريس لكبيش/ Le12.ma
