بقلم: يونس التايب

بإجماع كل المتتبعين ارتقى تدبير الدولة المغربية لأزمة الوباء الفيروسي كورونا، بإشراف ومتابعة مباشرة من عاهل البلاد، إلى مستويات جودة عالية، والتزام مسؤول، واستباقية حقيقية، و احترام للضوابط القانونية، وجدية في التواصل مع المواطنين و في التحرك الميداني،  بشكل خلف الاطمئنان في صفوف المواطنين وقوى الالتحام المجتمعي المتجدد حول توابث الأمة المغربية والافتخار بالإنتماء لهذا الوطن، والاعتزاز بمؤسسات الدولة الوطنية.

ولا شك أن هذه الروح الجديدة التي طغت على ما سواها، تؤشر على أننا، و نحن في خضم تدبير الأزمة، انطلقنا من الآن في بناء أساسات نمط جديد لحكامة الشأن العام يكون فيها الإنسان المغربي محور التفكير و التخطيط والبرمحة والتحرك والتدبير و التتبع و التقييم.

ويبدو أن هذه العبقرية المغربية الأصيلة التي استفزت كل جميل فيها، لمقاومة وهزم شراسة فيروس كوفيد 19، كان من أولى ثمارها تجديد علاقة السلطات العمومية بالمواطن، و دفعها لتتطور بسرعة في اتجاه شراكة حقيقية تنضبط للقانون و تعتمد التعاون المسؤول لتحقيق المصلحة العامة.

و إذا كان مؤكدا أن هذا المنحى يحتاج ليترسخ خلال كل أيام تدبير الأزمة الوبائية و بعد انتهاء الأزمة، إلا أن هذه الروح الإيجابية الجديدة، من المؤكد أيضا، قد تكون أفزعت تجار التيئيس والعدمية و خلقت كابوسا بالنسبة لبعض من يستهويهم المتاجرة بمآسي الناس والتحريض ضد الوطن ومؤسساته من منطلقات إيديولوجية مختلفة.

لكل ذلك، وحتى لا نترك فرصة ليتسلل الشيطان عبر التفاصيل الصغيرة، يتعين علينا أن نتشبث بهدوء الواقف على الحق، و أن نلتزم بسكينة المطمئن لما في قلبه من قيم مخلصة لله و للوطن و للملك، ومن إيمان بأن الأمة المغربية ستنتصر بقوة القانون، وبحكمة قيادته الرشيدة، وبتجند مؤسساته، وبوطنية شعبه.

ومن هنا، رأيي أن مقام الحكمة يقتضي أن نبقي على أعلى درجات تركيزنا على الأهداف الرئيسية والأساسية لملحمة مقاومة الوباء الفيروسي التي نحن في خضمها، بتدبير استراتيجي يرعاه عاهل البلاد، وتنخرط في جهوده كل القوى الحية للأمة المغربية، سواء الشعبية منها أو الرسمية، وذلك عبر :

– التركيز على تعميم و استمرار الوعي بتدابير الوقاية من فيروس كورونا ومحاصرة انتشار العدوى.

– تعزيز التوعية بضرورة أن يلزم الناس بيوتهم في إطار تدابير حالة الطوارئ الصحية، بقوة القانون ومن منطلق إدراك أن ذلك من مستلزمات حماية حياة الأفراد و سلامة المجتمع.

– تسريع أشكال الدعم و التضامن، الرسمي و الشعبي، مع أبناء الأسر الفقيرة حيثما كانوا. أولا، لكي تشعر أنفسهم بالإطمئنان، و ننزعهم بذلك بسرعة من بين مخالب و أنياب من قد يسعى إلى استغلال عوزهم و إحساسهم بقلق وجداني مفهوم بالنظر إلى مستوى الفقر و درجات الوعي النسبي بطبيعة وتجليات هذه المرحلة غير المسبوقة؛ و ثانيا، لأن ذلك واحب ومسؤولية سياسية و اجتماعية و وطنية.

– تقوية التواصل العمومي لإبراز أوجه الصرامة و الزجر التي تتيحها الإجراءات القانونية في ظل حالة الطوارئ الصحية التي قررتها الدولة، وتكثيف كل ما يعزز الثقة واليقين بأن الكربة ستفرج قريبا إذا ساد الالتزام بتوجيهات السلطات العمومية المختصة ببلادنا.

– تسريع تنزيل حزمة الإجراءات الاقتصادية و الاجتماعية التي ستمول من الصندوق الخاص الذي أمر جلالة الملك بإحداثه و أعطى قائد البلاد القدوة وساهم فيه بملياري درهم.

وسيكون حاسما أن نسعى إلى كل تلك الأهداف، و نتقدم إلى النصر الذي يلوح في أفق ملحمة مقاومة الوباء الخطير بعد صبر أسابيع قليلة فقط، دون أن نترك للمبلبلين و زارعي الفتنة فرصة إسقاطنا في فخ الاستفزاز وردود الأفعال الانفعالية. لذلك، يتعين على كل “المتحمسين” أن يجعلوا تفكيرهم واجتهاداتهم تتقيد بما يعلمه الجميع من إرادة سياسية تنهجها بلادنا للسير في كل الأمور بمنطق دولة الحق والقانون و بسمو الحكمة على التهافت، بشكل تبث خلال العشرين سنة الماضية أنه خيار سيادي إرادي لا محيد عنه.

وبالتالي، يستحسن أن نلتزم الهدوء والثبات في كل التحركات و كل الاجتهادات، و كل الآراء و وجهات النظر التي تتناسل هذه الأيام بشكل يستحق أن نثمنه ونعتبره عودة الروح لفكرة المشاركة في تتبع الشأن العام من طرف المواطنين، وبداية كسر لديناميكية العزوف و الانعزالية السياسية.

كما يستحسن أن نعزز الثقة في الذات المجتمعية بغض النظر عن بعض السلوكات اللامواطنة و المدانة، وأن نزيد من يقيننا في مؤسسات الدولة المغربية، و نستحضر أن الدفاع عن المصالح الاستراتيجية العليا للدولة الوطنية يستوجب الذكاء وبعد النظر، خصوصا وأن الشعب المغربي يدرك الآن، بوعي أكبر، أهمية الانتصار للوطن في زمن الأزمة وخارجه، لأنه ببساطة تاج رؤوسنا وملاذنا الأول و الأخير. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. كلام وجيه،وتحليل منطقي،ملؤه المواطنة الصادقة،والفكر الايجابي.