*حميد المرادي
خلال سنة 2011، وهي سنة باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق، الذي وضع نصب عينيه، تعيين وتنصيب جماعة “الإخوان المسلمين” حاكما عاما لكل “العرب المسلمين”، وكان أن تكفلت ما سمي آنذاك “حركة 20 فبراير” بالمهمة، بعضهم كحطب وبعضهم عن وعي بعد تكوينهم “حركيا” في عواصم متعددة، من لندن إلى تونس، بل وتوشيحهم بجوائز في واشنطن وخارجها، وتعبئة حطب المعركة كما في كل المعارك الحقيقية والوهمية.
وخلال اللقاءات، التي كانت تعقدها مجموعات من “الحركة”، قررتُ يوما أن أحضر لأحد الاجتماعات، لكي أدلي بدلوي ضمن مداولات المجموعة.
وكان أن طلبت الكلمة من مسيرة الجلسة، لتي كانت للصدفة لا تراني، لأنني كنت وراءها في جلستها، فرفضت تلقائيا أن تعطيني الكلمة، دون تفكير ودون حتى أن تنظر إلي!!!.
ربما كان لها حدس، بأنني كنت سأتحدث بغير ما كان يروج من حديث داخل المجموعة، أو كانت تعلم من مصادر معلوماتها بأن لي رأيا مغايرا.
فقررتْ لوحدها أن تقمعني، أنا الذي لا أعرفها شخصيا، وهي التي لا تعرفني شخصيا، أو أفترض ذلك، لكنني، وهي لا تعلم، كنت أدافع عنها عبر وسائط التواصل الاجتماعي وخارجها، حين الهجوم عليها من طرف المتطرفين والمعتدلين، من أجل أن تمارس حريتها الخاصة في الرأي والسلوك، وتحافظ على وظيفتها كأستاذة للفلسفة.
تلك كانت وما زالت فلسفتي وممارستي، وتلك كانت فلسفتها وممارستها وهي الآن مقيمة في كندا.
غادرت اللقاء بعد أن تشكل لدي رأي حول مضمون الحركة… وحدودها…
جيلنا، رغم أنني ضد تقسيم المجتمع على أساس جيلي، خبر معارك كثيرة، كان صانعا لها، وفي كثيرِ أحيانٍ حطبًا لها، اكتوينا واحترقنا كحطب، وفهمنا أن سؤال الروائي البوليسي: “A qui profite le crime ?”، سؤال جوهري لفهم حيثيات الجريمة.
مناسبة التقويم العُمْري أو الجيلي هذا، هو ما تعرفه الساحة الاجتماعية والسياسية بالضرورة، من تمَـلمُل سياسي-اجتماعي، تحت يافطة “الجيل”، تمَلمُل وكأنه يلغي كل الأجيال السابقة عليه، مقررا احتلال الفضاء وإضاءته لوحده كما غنى يوما عبد الهادي بلخياط دارجا: “أنا وحدي نضوي لبلاد”.
السؤال: هل يمكن لجيل وحده أن يغير مصير مجتمع؟ الجواب: بالتأكيد لا…،
لأن المجتمع هو طبقات وشرائح وأجيال وهوية متعددة، وفي النهاية والبداية تاريخ، لا يُسقطه من الوجود مريض طارئ عليه في غفلة من سكان هذا الوطن.
ولأن المغرب وطن صنعه بنات وأبناء هذا الوطن، عبر تاريخ مديد، تاريخ من الفرح والأسى، تاريخ من التضحيات والمكاسب والمنجزات والتراكمات الراسخة، رغم الأعداء والبلداء.
نعم الوطن لكل أبنائه وبناته، ولا يجوز تقسيم الوطن جيليا أو جغرافيا أو هوياتيا…
فكل الأسئلة مشروعة في هذا الشرط التاريخي … وكل الحقوق مشروعة
أما السؤال الأهم فهو: من وراء الشاشات؟
هذا إذا تناسينا “نكافات” العمل “السياسي”، التي لا ترى في كل تململ إلا ما ستجنيه لشخصها المتضخم حد المرضية، من مكتسبات عاشت وتعيش من أجلها، منذ البدء.
والسؤال الأكثر أهمية من الأول: ما العلاقة بأجندة المرحلة الدولية والرياضية، ونحن على مشارف مناقشة ملف الصحراء المغربية بمجلس الأمن؟.
ويستتبعه سؤال لا يقل أهمية: ما العلاقة بتنظيم كأس افريقيا، وأفق كأس العالم؟.
هل بهذه الأسئلة، نسقط في شباك “نظرية المؤامرة”؟.
الجواب بسيط، وراء كل حركة “مؤامرة” ما، لكن قليلة هي “المؤامرات” التي تنجح، أو تؤدي إلى المقصود منها، ويمكن أن تحرق أصحابها، وتحرق بالخصوص الحطب، وأعني بالحطب، التابعات والتابعين دون وعي ودون قرار.
وسائل إعلام محسوبة على جهات معلومة، في بريطانيا، وفي فرنسا، وفي إسبانيا، دون نسيان من يشكل له المغرب على مر تاريخه عقدة وجود، شمّرت عن سواعدها لتجعل من “التململ الجيلي” حدث الساعة، هذا دورها طبعا، حسب أهدافها ومراميها.
نشرت تدوينة بصفحتي الشخصية على الفايسبوك: تقول “العدالة المجالية… العدالة الاجتماعية… كسر طوق الفساد والمحسوبية… مداخل أساسية لحماية الوطن”.
بقرارات للدولة تقطع دابر مافيات الفساد والتسيب وعدم المحاسبة، تُفتح صفحة جديدة للوطن الذي نحب، وليس لنا غيره.
وتطبيق القانون دون ارتعاش اليد مسؤولية.
كاتب وناشر

راي في الصميم
من اجل فهم اعمق للازمة وللسياق الدولي وفضح تجار الحروب ومتعهدي حفلات التضامن والتظاهر .