أعادت الفاجعة التي ضربت مدينة آسفي، مخلفة 37 وفاة وخسائر مادية جسيمة، إلى الواجهة إشكالية صندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعية، وفتحت من جديد ملف المسؤولية السياسية والتشريعية للحكومة السابقة، بقيادة عبد الإله بنكيران، في صياغة القانون رقم 110.14.
هذا القانون، الذي صاغته حكومة العدالة والتنمية سنة 2016 ودخل حيز التنفيذ عام 2020، اشترط استفادة ضحايا الكوارث الطبيعية على إعلان رسمي من رئيس الحكومة يقر بالحادث كـ”كارثة وطنية”، وهو ما يجعل سياسيين يطالبون اليوم بإعلان مدينة آسفي “منطقة منكوبة” لتفعيل التعويضات بعد فاجعة الفيضانات التي ضربتها.
من يتذكر مسار حكومة “البيجيدي”، يعلم أن الحزب كان يمتلك كل مفاتيح القرار المالي والاقتصادي.
ففي ذلك العهد كان إدريس الأزمي، النائب الحالي للأمين العام للبيجيدي، يشغل منصب وزير منتدب مكلف بالميزانية، أي أن العدالة والتنمية كانت تتحكم بالكامل في مسارات القانون وتطبيقه.
ومع ذلك، جاء القانون صارما، مليئا بالشروط التي يصعب الوفاء بها عمليا.
مرور 504 ساعات في حالات الفيضانات، و168 ساعة في حالات الزلازل أو ارتفاع المد البحري، شروط تعجيزية في وجه المواطنين الذين يحتاجون إلى استجابة سريعة وفعالة.

ما يثير الاستغراب أن الحكومة السابقة، رغم امتلاكها أغلبية مريحة في البرلمان، لم تراعي المرونة العملية عند صياغة القانون. اليوم، يجد المسؤولون أنفسهم أمام نص تشريعي صارم يضع العوائق أمام صرف التعويضات في الوقت المناسب، بينما تتطلب الكوارث الطبيعية سرعة تدخل قد تعجز عنها آليات القانون.
صحيح أن القانون ينص على آجال للتصريح بالأضرار لا تتجاوز 21 يومًا بعد إعلان الكارثة، يعقبها تقييم تقني متعدد الأطراف قبل صرف التعويضات، غير أن الواقع يثبت أن هذه المنظومة، بدقتها وتعقيدها، أبطأ بكثير من وتيرة المخاطر المناخية المتصاعدة. فالتشريع، بدل أن يكون أداة حماية، تحول إلى عبء بيروقراطي يثقل كاهل المواطنين في أحلك لحظات ضعفهم.
لقد عرت فاجعة آسفي، مرة أخرى، التناقض الصارخ بين نص قانوني متشدد وواقع اجتماعي هش، ووضعت حكومة بنكيران أمام مسؤوليتها الكاملة في تعميق جراح أسر فقدت الأرواح والممتلكات، بعدما ولدت سياستيها تشريعات معطوبة.
*عادل الشاوي
