في سياق مناقشة قانون المالية لسنة 2026، قدم محمد غياث النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار مداخلة وصفت بالصريحة والعميقة.
ولم يقتصر غياث على قراءة الأرقام والميزانيات، بل جعل من هذا القانون تقييماً ضمنياً لحصيلة عمل الحكومة على مدى أربع سنوات، واصفاً هذه الفترة بأنها “مرحلة النضج السياسي والمالي والاجتماعي”.
نضج في مواجهة التحديات: من “الحضيض” إلى “الأسس المتوازنة”
بدأ غياث مداخلته بتذكير الحضور بالظرفية التي تسلمت فيها الحكومة زمام الأمور، مشيراً إلى أن المغرب كان “مغلقاً بسبب كوفيد” وجميع القطاعات “كانت في الحضيض”.
وأكد أن الحكومة، وبتناغم مع مؤسسات الدولة، استطاعت “مواجهة الأزمة بمهنية ومسؤولية ووطنية”، ووضعت “أسس متوازنة للاقتصاد الوطني وخدمات اجتماعية محسوبة النتائج”.
وشدد غياث على أن “الأرقام تتكلم والتاريخ يسجل بعيداً عن الضجيج”، مؤكداً أن الحكومة “لم تخطئ في الاختيارات الكبرى” لأنها، في نظره، “اختيارات وطموح ملك”.
واعتبر قانون المالية الحالي ليس “مجرد وثيقة بل كخارطة طريق لإدارة وتدبير التحول الاقتصادي والاجتماعي للبلاد”، مثمناً نجاح الحكومة في “تمويل كل الإصلاحات دون المساس بالتوازنات المالية”، وهو ما أسماه “نضجاً في تدبير المال العام”.
التعليم والصحة.. إرث ثقيل وإصلاحات جريئة
خصص غياث جزءاً هاماً من مداخلته لقطاعي التعليم والصحة، مقدما “معطيات من أجل الاستئناس” حول الإرث الذي ورثته الحكومة.
وبخصوص قطاع التعليم، أشار إلى تصنيف المغرب في المرتبة 56 عالمياً في تقييم المعارف لسنة 2021، وعدم قدرة 59% من أطفال القسم السادس على تركيب جملة مفيدة.
وفي مواجهة إضراب ثلث المدرسين، أكد غياث أن “العقل انتصر” وباشرت الحكومة إصلاحاً سياسياً ومالياً شمل إصلاح البرامج، دعم الأسر، والشروع في “مدارس الريادة”.
وأكد أن ميزانية التعليم، التي وصلت اليوم إلى 100 مليار درهم، تعكس التزام الدولة بـ “إنتاج أحسن نسخة من الطفل المغربي”.
وفيما يتعلق بقطاع الصحة، وصف القطاع بأنه يعاني من “تهالك”، “غياب الموارد البشرية”، “رداءة البنية التحتية”، و”ضعف الحكامة لعقود”.
وأبرز أن الحكومة باشرت إصلاحاً تشريعياً شاملاً أفضى إلى إعادة هيكلة التدبير، وخلق الهيئة العليا للصحة والمجموعات الصحية الترابية، إضافة إلى رفع الميزانية من 19 مليار درهم إلى 32 مليار درهم، مؤكداً أن المشكل الحالي يكمن في “الحكامة والعقليات”.
الاستثمار العمومي والخاص.. من “منطق التدبير بالأزمة إلى التدبير بالثقة”
أشاد غياث بالتحول في فلسفة الدولة حول الاستثمار العمومي، الذي تجاوز الأرقام (380 مليار درهم في قانون المالية)، ليصبح “أداة سيادية لإعادة توجيه الاقتصاد الوطني” نحو القطاعات المنتجة كالصناعة والطاقات النظيفة.
واعتبر أن هذه القدرة على الاستثمار بموارد ذاتية تعبر عن “نضج في القرار المالي”، وتؤكد أن المغرب “انتقل من منطق التدبير بالأزمة إلى التدبير بالثقة”.
وفيما يخص الاستثمار الخاص، ثمن غياث مجهود الحكومة في إخراج ميثاق الاستثمار الجديد، لكنه اعتبر ذلك “غير كافٍ”، منبهاً إلى أن “الاستثمار الخاص لازال يعاني من ضعف أداء الإدارة في الرخص ومعالجة الملفات وغموض القرار”.
ملف الشباب.. سرعة التنزيل هي التحدي
اختتم النائب مداخلته بالتطرق لملف الشباب و”جيل زيد”، مؤكداً أن مطالبهم (تعليم جيد، صحة متاحة، فرص عمل) تتفاعل في عمقها مع البرنامج الحكومي، لكن التحدي الوحيد هو “سرعة التنزيل”، مشيراً إلى أن تكوين طبيب أو مدرس كفؤ يتطلب سنوات.
واعتبر أن استجابة الحكومة “برزانة” لجل المطالب هي “الاستثناء المغربي”، مشدداً على أنه “لا يمكن لمغرب الغد أن يدار بمغاربة البارح”.
إدريس لكبيش / Le12.ma
