تصعيد خطير ذلك الذي إنزاحت إليه إحتجاجات محسوبين على شباب جيل Z، في الدار البيضاء، حين عمدوا إلى إغلاق الطريق السيار وإشاعة الفوضى
عادل الشاوي- le12
شهدت احتجاجات جيل Z، مساء اليوم الأحد، بالدار البيضاء تصعيدا خطيرا، بعدما امتدت الوقفة إلى الطريق السيار، حيث عمد بعض المشاركين إلى إغلاق الطريق في وجه مستعمليها، ما شكل تهديدا مباشرا لسلامتهم.
وحاولت قوات الأمن السيطرة على الوضع وتفريق المحتجين، بعد أن تحولت الوقفات السلمية إلى مشاهد من الفوضى.
وأثارت هذه التطورات وفق مراسل جريدة le12.ma، استنكارا واسعا من طرف المواطنين، الذين شجبوا هذه التصرفات، معتبرين أنها تتجاوز الحدود السلمية للمطالبة بالحقوق.
ويطرح هذا التصعيد أسئلة حول النوايا الحقيقية لبعض الجهات التي تحرض على الخروج وتهيئة الأجواء للفوضى، بدل التركيز على المطالب الاجتماعية المشروعة للشباب.
إقرأ أيضا:
يبدو أن حزب العدالة والتنمية لم يتعلم شيئا من تجربته الطويلة في قيادة الحكومة المغربية.
فقد خرج، اليوم الأحد، ببيان حول احتجاجات شباب جيل Z حمل فيه الحكومة الحالية كامل المسؤولية عن تفاقم الأوضاع الاجتماعية.
لكن ما يغفله الحزب، أو يتغافل عنه عمدا، هو أن هذه الاحتجاجات ليست سوى النتيجة الطبيعية لتدبيره الكارثي لعقد كامل من الزمن.
فالبيجيدي، الذي يتحدث اليوم عن الحق في الصحة والتعليم والسكن والشغل، هو نفسه الذي أشرف على ضرب منظومة الوظيفة العمومية عبر سياسة التعاقد، وراكم الأزمات في قطاع التعليم، وترك المستشفيات تنهار تحت ضعف التجهيز وقلة الموارد البشرية.
وهو الحزب الذي وقع على قرارات قاسية مثل تحرير أسعار المحروقات، ما فتح الباب أمام غلاء المعيشة وتآكل القدرة الشرائية للأسر المغربية.
جيل Z الذي خرج اليوم إلى الشارع، هو بالأساس نتاج سياسات العدالة والتنمية التي لم توفر لا تكوينا مهنيا يفتح آفاق المستقبل، ولا مناصب شغل تحفظ الكرامة.
هو جيل عاش الجزء الأكبر من طفولته ومراهقته في ظل حكومات بنكيران والعثماني، فوجد نفسه اليوم يصرخ في وجه واقع اجتماعي مسدود.
بيان الحزب إذن ليس سوى محاولة للهروب من المسؤولية التاريخية، وارتداء جلباب المعارضة بعد أن قضى 10 سنوات عجاف في الجلوس على كرسي السلطة دون أن يترك وراءه سوى أزمات متراكمة.
فالاحتقان الاجتماعي الحالي ليس وليد اليوم، بل هو تراكم عقد من السياسات العشوائية والقرارات اللاشعبية التي وقع عليها وزراء “المصباح” بأيديهم.
إن أكبر مفارقة يعيشها المغرب اليوم هو أن الحزب الذي صنع الأزمة، وعمق جراح المجتمع بقراراته، هو نفسه الذي يقدم نفسه كمدافع عن الحقوق الاجتماعية.
والحقيقة أن بيان العدالة والتنمية لا يملك أي قيمة سياسية، ما لم يسبقه اعتراف واضح وصريح بمسؤوليته التاريخية عن إنتاج هذا الواقع، ومسؤوليته الأكبر عن تفجير غضب الشباب الذي لم يعد يثق في الوعود ولا في الشعارات.
وإذا كان حزب العدالة والتنمية يظن أن تدوينة أو بيانا مكتوبا بخط واضح يمكن أن يمحو عشر سنوات من الإخفاقات، فهو مخطئ.
فالأجيال التي خرجت إلى الشوارع لا تشتري الدموع السياسية ولا تتأثر بالشعارات الفارغة.
جيل “Z” يعرف جيدا من زرع أزماته، ومن جعل المواطن يحلم بحقه في التعليم والصحة والسكن كما لو كان حلما وليس حقا .
وفي الوقت الذي يواصل فيه “المصباح” ترديد خطابات المسؤولية المفترضة عن الحكومة الحالية، يظل الواقع شاهدا صامتا على سنوات من القرارات التي أنتجت الاحتقان، والبطالة، والغضب، وأعلنت نهاية زمن الكلام الفارغ والسياسات الهلامية.

والواقع أن ما يشهده المغرب اليوم من عمليات إصلاحية كبرى ليست سوى محاولات لترميم الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها حكومة بنكيران والعثماني، والتي استنزفت سنوات من الزمن بلا أي رؤية واضحة.
المشاريع المؤجلة، السياسات العشوائية، والإهمال المتعمد للقطاعات الحيوية،.. تركت الحكومة الحالية تواجه أرث أزمة مركبة ومعقدة.
لقد باتت كل خطوة إصلاحية مرتبطة بمحاولة تصحيح مسار أُفسد لعقد كامل، أشبه بإعادة بناء جديدة لا ترميم فقط.
لذلك فالشباب الغاضب في الشوارع ليس سوى انعكاس طبيعي لهذا التراكم من الإخفاقات، التي جعلت من الحقوق الأساسية حلما يتحقق بسرعة تراها الحكومة تراعي التوازنات والإكراهات، وتراها إحتجاجات جيل Z، ثقيلة التنزيل.
وبينما الوطن اليوم في لحظة تتطلب من الأحزاب دعم إستقرار الشارع، خرج حزب إخوان ابن كيران، بيبان «التقلاز » من تحت الجلابة.
إن بيان، إخوان ابن كيران، يتقاطع، والحالة هاته، من حيث يدري أولا يدري مع تحالف اليسار “المخصي”و جماعة «أوهام القومة»، المحتضن لكل النعرات المجتمعية.
تحالف، إن لم يكن، سارقاً لقضية الشباب، فهو كان ولايزال وسيظل، بين متاجر فيها و بها، وبين من يتخذ عظام وليدات جيل Z، حطبا لمواقد إشعال الفتن.
“اليسار المخصي”، يصفي حساباته مع الداخلية لذلك سارع إلى إعلان تعليق مشاركته في مشاورات انتخابات 2026.
و”الجماعة”، لاتزال تحلم ب”القومة”، من أجل الإطاحة الوهمية بأركان الدولة.
وحزب العدالة والتنمية، ركب على إحتجاجات جيل «ماما»، فقط لتصفية حسابات انتخابية مع حكومة فضحت ما إرتكبته الحكومة الملتحية من «جرائم»، بحق قواعد واسعة من أفراد هذا الشعب المهموم..
إن تمكن «الجماعة» و «المخصي» من إقامة جماع سري انتهى بولادة جيل Z ، يدين جميع الاحزاب أولا، لفشلها في تأطير المواطن.
كما يدين تراكمات فشل حكومتي ما بعد الربيع العربي، و دستور 2011، وفي مقدمته حزب العدالة والتنمية وجميع الاحزاب التي شاركته تحالف إنتهازية تحت يافطة المصلحة الوطنية المفترى عليها.
كما يدين، الحكومة الحالية، ممثلا في وزارات الشباب، والتجهيز والماء والصحة والتشغيل..
وزارة الشباب التي يوجد على رأسها الوزير البامي، محمد مهدي بنسعيد فشلت في إحتواء شباب «جيل Z»، حيث ظهر البون شاسعا بين سياسة الوزارة وعقلية أولاد «génération connectée ».
وتسبب فشل الوزير الاستقلالي نزار بركة، في تأمين مناطق في القرى والجبال بالطرق والماء في خروج المسيرات في أزيلال وسيدي قاسم وتاونات على مشارف وادي اللبن.
وصب تردي خدمات القطاع الصحي وتغول القطاع الخاص نار الغضب، على زيت الاحتجاج.
للتذكير خلال العشر سنوات الأخيرة، تداول على قيادة وزارة الصحة وراء من حزب التقدم والاشتراكية، و وزير تكنوقراطي هو البروفيسور خالد أيت الطالب.
وأخيرا، وليس بأخير، إرتفاع معدلات البطالة منذ فضيحة النجاة مرورا بتولي وزراء حزب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية تدبير القطاع دون نجاح يذكر.
أما حزب الحركة الشعبية، الذي ذرف أمينه العام دموع تشفط ب «الكراطة» فقط سبق أن تولى حقيبة وزارة الداخلية كاااع.
كما كان من أسباب، خروج مواطنين للاحتجاج ضعف التغطية بشبكة الاتصالات والإنترنت، حيث جاء الجواب على هذا المطلب عبر غفوة الوزيرة البامية المسؤولة، على القطاع تداولها الخاص والعام..
اليوم بعد صرخة «جيل Z» والتي لا بد من تعقبها إصلاحات، ومحاسبات، مهما كانت خلفيات من يحركها أو يحاول الركوب عليها، فالشارع في حاجة الى تحول جميع القوى الوطنية إلى إطفائيين لإخماد الفتنة والمساهمة في تثبيت الاستقرار .
بيد أن حزب العدالة والتنمية، الذي كان يجب أن يكون منخرطا في هذا المجهود الوطني، أخلف الموعد مع تاريخ الإصطفاف إلى جانب كل داعم الإستقرار الشارع، بعدما أكل لعشر سنوات عجاف مع الديب، وظهر اليوم يبكي بكل لؤم مع السارح.
إن تاريخ يسجل.. والوطن فوق الجميع
حفظ الله الوطن.

انت (كاتب المقال) من تعليقاتك يتبين انك من المطبٌِلين للدولة العميقة و صاحب مقولة نعام سيدي.