طلحة جبريل

إذا قيل إن شجرة أركان نادرة، فهذا توصيف صحيح.

خلال زيارة إلى تافراوت، حاولت أن أجمع بعض الروايات من أهل المنطقة عن هذه الشجرة، لكن وجدت معلومات شحيحة. إذ هي بالنسبة لهم شجرة معطاءة، وما تبقى تفاصيل.

ربما الذي جعل المعلومات شحيحة عند أهل المنطقة، أنها شجرة معمرة ورثوها من الأجداد.

 وجدت واحدة منها في مدشر بمنطقة جبلية، قال كثيرون إن عمرها أزيد من قرن. وهناك من يجزم بأنها يمكن أن تعيش حتى تصل إلى قرنين.

وبما أن الشجرة تنمو ذاتياً أي أن الإنسان لا علاقة له بزراعتها، فإن المعلومات عنها شحيحة جداً.

كل ما يعرفه أهل المنطقة أن جذورها تغوص عميقاً في الأرض، وعلى الرغم من ذلك لا تؤثر على المياه الجوفية. شجرة لها أنفة.

أكثر من ذلك تستطيع أن تقاوم موجات الجفاف، لذلك تعتبر شجرة مثالية في محاربة ظاهرة التصحر. اللافت أن جذع الشجرة في مرحلة احتضارها يتحول إلى أشكال تشبه بعض الحيوانات.

أهل منطقة سوس عموماً يعرفون أفضالها على الإنسان والماعز، لكن ليست لهم معلومات بشأن قصتها.

لا أحد يعرف لماذا اختار الماعز أن يتسلق هذه الشجرة على التحديد. شخصياً أعجبت بذكاء الماعز، وبيني وبينه ذكريات طفولة، لأنه اختار شجرة، ليس نادرة فحسب ولكن ما تنتجه جعلها تحمل اسم “شجرة الذهب السائل”.

في هذا السياق جابت صورة الماعز المتسلق لشجرة أركان جميع أنحاء العالم، عبر بطاقات بريدية (postal card) وهي وسيلة تواصل لا تفنى.

على حد علمي أن كلمة ذهب ترتبط بشجرة أركان، وكذلك بشجيرات القطن، الذي يطلق عليه”الذهب الأبيض” لأنه المادة الفلاحية الوحيدة التي دخلت غرف العمليات ولها استعمالات طبية بلا حصر.

المهم أن من ثمر هذه الشجرة الفريدة يستخرج زيت أركان الذي يستعمل في الطعام أو التجميل. وينصح الأطباء استعمال هذا الزيت بدلاً من الزيوت الأخرى، نظراً لخصائصه.

أترك التفاصل لأهل الاختصاص للشرح.

يذكر أن محاولات كانت قد جرت في التسعينيات لنقل شجيرات أركان إلى خارج المغرب، لكن تلك المحاولات توقفت بعد إثارة الموضوع في البرلمان، وكان الذي أثاره يومئذٍ الراحل محمد بن يحيى، وسمعت منه آنذاك رحمه الله تفاصيل مثيرة عن الموضوع.  

لدي اهتمام كبير بهذه الشجرة من باب الفضول الصحافي، لذلك اقترحت على إحدى طالباتي إنجاز بحث التخرج لنيل درجة الماستر(الماجستير) عن “شجرة الجمال والماعز”.

الآن وبعد أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع اعتبار العاشر من مايو كل سنة يوماً عالمياً لشجرة الأركان، أضحى الأمر يستحق أكثر من بحث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *