طلحة جبريل

 

ظني أن الصحافي عندما يكون بعيداً عن مواقع صنع القرار عليه أن يكتب ويفكر، ودوره أن يتحدث متى ما كان ذلك متاحاً، لكن بشرط ألا يتقمص دور الناصح أو المرشد، أوأن يتحدث في كل موضوع، و يتكلم كأنه صاحب شان في كل قضية له فيها رأي وصوت يسمع.أعتقد أن صاحب الرأي له فرصة التحليق بجناحيه في الفضاء لكن ليس في الفراغ.أقول أيضاً إن  بين مهام الصحافي مكافحة كل مظاهر الفساد والانتهاكات.

إلى جانب ذلك هناك دور في غاية الأهمية مطلوب أن يجعله الصحافي من بين مهامه، لكن الملاحظ أن هذا الدور يكاد يكون منعدماً، وهو تسليط الضوء على الأشخاص الذين يفترض أن يكونوا ضمن النخب الفاعلة. 

انتقل إلى الحديث المتكرر بشأن مفهوم “تجديد النخب” هناك نظرية  تقول إن إضفاء حيوية مستمرة على الدولة والمنظمات السياسية يقتضي”تجديد النخب”.الأنظمة والتنظيمات بما ذلك النقابات ومنظمات المجتمع المدني التي تخشى التغيير وتحرص أن تبقى الأمور على حالها تحبذ ما يمكن أن نطلق عليه “تدوير النخب”.

وهو ما يعني أن الشخص نفسه، يمكن أن يتبوأ منصباً في قمة الهرم التنفيذي، ثم رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة ما، أو رئيسا لأحد الأندية الرياضية، وفي فترة “راحة بيولوجية” سفيراً في إحدى العواصم.

الأنظمة التي تعتمد هذا الأسلوب، أي تدوير النخب، هي قطعاً أنظمة “متآكلة”. 

في تقديري ومع واجب الاحترام للجميع، إن إي حياة لها فترة صلاحية بدنية وعقلية، ولعله من الصواب ان يقر كل انسان بهذه الحقيقة، خاصة اذا كان سياسياً يعتقد أن السياسة يمكن أن تغير المجتمع، إذ لا يمكن تغيير حياة الناس دون تجديد فكري وسياسي.

في المجتمعات القبلية الأفريقية عندما يتقاعد المحاربون القدامى يتحولون إلى”حكماء القبيلة” تعود إليهم في الملمات. إذن ماذا يضير إذا انتقل أصحاب الرأي والفكر والسياسة إلى خانة “حكماء الأمة” تسمع لهم وتأخذ بمشورتهم.لا أرى ضيراً أو بأساً في انتقال رجل من ومض الضوء إلى ظل الغروب يلتمس الناس عنده النصح والحكمة. 

ظني أن الإصرار على البقاء في قلب الأحداث، يجعل من السياسي رجلاً لكل الأزمنة، وليس أسوأ من رجل يهتم بالشأن العام يرضى أن يكون رجلاً لكل الأزمنة. وما أسوأ السياسي الذي يبحث في كل وقت عن دور ومتلكئ دائماً بعد فوات الأوان. 

ربما تبدو فكرة تجديد النخب، فكرة مثالية، لكنها تصبح صائبة، إذ لعب الإعلام دوره في التنقيب عن أولئك الذين يمكن لديهم حيوية وقدرات فكرية تتيح لهم الابتكار، والأهم السلوك المثالي الذي يجلب الثقة والاحترام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *