أدانت محكمة الاستئناف في بني ملال خلال الساعات الماضية، بالسجن مفتش شرطة من أجل قتل ممرضة شابة تتحدر من مدينة خنيفرة.

وحكمت المحكمة، على المتهم، الذي سبق أن مشا في أبريل الماضي وراء جنازة القتيلة فاطمة أكنوز، إلى مثواها الأخير ، ب 25 عاما سجنا نافذاً.

وفور النطق بالحكم، تحول محيط المحكمة إلى ما يشبه خيمة غراء، حيث داخل أفراد من أهل الجاني والضحية في نوبة بكاء.

وتعود تفاصيل القضية، إلى أبريل الماضي، حين عثر على الضحية جثة هامدة في منزلها، حيث انتهت الابحاث القضائية بتوقيف مفتش الشرطة المدان.

لغز القضية

وتابع الرأي العام المحلي والوطني مجريات القضية باهتمام بالغ، خاصة بعد أن تكشفت حقائق صادمة، منها أن المشتبه فيه حاول الالتصاق بعائلة الهالكة بعد وفاتها، إن على مستوى المستشفى أو مستودع الأموات ومركز الشرطة والمحكمة الابتدائية، مُظهرا تعاطفه وحرصه على المساعدة في الإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بوفاة الضحية، وساهم في إقناع الأسرة برفض الموافقة على إخضاع الجثمان للتشريح الطبي، وفق مصادر عائلية، رغم تلميحات بعض الأطر الطبية لوجود علامات غامضة على الجثة، تتنافى مع فرضية الوفاة بسبب الغاز.

حقيقة التشريح

وكم كان الأمر مريبا في مشاركة المشتبه فيه في صلاة الجنازة وترديده لمقولة «إكرام الميت دفنه»، بل المفاجأة وقعت قبل دقائق فقط من دفن الجثمان، حين تم توقيف عملية الدفن بناء على اتصالات عاجلة جرت بين الوكيل العام للملك ببني ملال ووكيل الملك بخنيفرة والشرطة القضائية ومندوبية الصحة، حيث تم نقل الجثة من قلب المسجد مباشرة إلى خنيفرة، ثم إلى المستشفى الجهوي ببني ملال لإجراء تشريح طبي دقيق عليها.

وقد تم تسليط الضوء على ملابسات مثيرة إضافية، منها أن الضحية لم تكن في وضع استحمام كما أشيع، بل كانت بكامل ملابسها، ولم يكن عليها أي آثار تدل على تعرضها للاختناق بالغاز بقدر ما كانت عليها أثار مريبة، كما ظهرت معطيات تفيد أن الضحية كانت قد أخبرت والدتها عن نية مفتش الشرطة التقدم لخطبتها، ما يعزز فرضية العلاقة التي كانت تربط بينهما، ويطرح تساؤلات حول مدى صدق نوايا المشتبه فيه الذي تمسك بنفي علاقته بقضية وفاة الضحية، غير أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي كان لتفاعلهم تعاليقهم الخاصة.

ويعود الحادث الأليم إلى اليوم الذي خيم فيه الحزن والصدمة على أوساط كثيرة بمدينة خنيفرة إثر وفاة الممرضة المذكورة التي تشتغل كمساعدة علاج بمصلحة المستعجلات بالمركز الاستشفائي الإقليمي، وذلك داخل منزلها، عشية الأحد 6 أبريل 2025، في واقعة وُصفت بداية باختناق في «تسرب غاز البوتان»، قبل أن تخيم أجواء التشكيك وتتسع دائرة التساؤلات، محدثة جدلا واسعا واستفهاما سريعا، فبين رواية «الوفاة بالغاز» و»الشكوك الخفية» وجد معارف الضحية وزملاؤها أنفسهم في قلب قضية رأي عام وتحركات مستفهمة.

هذا الخبر نزل كالصاعقة، ليس فقط على أفراد أسرة الضحية ومعارفها، بل على الجسم الطبي والتمريضي والنقابي بالإقليم، حيث كانت الراحلة، في رأي الكثيرين، نموذجا للأخلاق والإنسانية والتفاني في عملها، لكن ما كان يمكن أن يُسجل كحادث عرضي ومأساوي، انقلب إلى لغز حقيقي بعدما بدأت الشكوك تتسلل إلى الجهات الرسمية، وبدأت علامات الاستفهام تتناسل حول ملابسات الوفاة التي لم تعد تبدو واضحة المعالم، خاصة في ظل تواتر معلومات مؤكدة تتحدث عن وجود ما يفتح شهية الشبهات، وعدم منطقية «رواية الغاز» المتداولة.

فك اللغز

وانقلب الأمر بسرعة، إذ بعد أن اعتمدت النيابة العامة في البداية على تقارير صحية رجحت فرضية التسرب الغازي، عادت لتأمر بإجراء تشريح طبي دقيق لجثة الضحية بمصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجهوي ببني ملال، من أجل كشف السبب الحقيقي للوفاة، وعدم استبعاد أي فرضيات أو احتمالات ممكنة، فيما جرت تحقيقات معمقة، تحت إشراف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال، الذي أعطى تعليماته للقيام بكل التحريات الممكنة، في تنسيق تام مع وكيل الملك بابتدائية خنيفرة الذي تابع تفاصيل الملف عن كثب في انتظار نتائج التشريح.

*المصدر:ج.م-le12| أ.ب-الإتحاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *