شهدت الأوساط السياسية والأمنية الأمريكية زلزالاً قضائياً غير مسبوق، تمثل في توجيه وزارة العدل الأمريكية اتهامات رسمية لجون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في إدارة دونالد ترامب، على خلفية خروقات خطيرة للأمن القومي تتعلق بنقل وحيازة معلومات مصنفة “سرية للغاية”.

القضية التي هزّت أروقة واشنطن، تلقي بظلالها أيضاً على الساحة الدبلوماسية الدولية، خاصة في منطقة المغرب العربي، نظراً لمواقف بولتون العدائية الصريحة تجاه مصالح المملكة المغربية ووحدتها الترابية.

تفاصيل لائحة الاتهام.. خرق “قانون مكافحة التجسس”

كشف مكتب هيئة المحلفين الكبرى بولاية ماريلاند عن توجيه لائحة اتهام تضم 18 تهمة جنائية خطيرة لبولتون.

وتتوزع هذه التهم بين ثماني (8) تهم متعلقة بالنقل غير القانوني لمعلومات دفاعية وطنية، وعشر (10) تهم تتعلق بـالاحتفاظ غير المشروع بوثائق سرية.

هذه التهم تمثل انتهاكاً واضحاً لقانون مكافحة التجسس الأمريكي (Espionage Act)، وهو ما يشير إلى مدى خطورة البيانات التي يُتهم بولتون بتسريبها أو الاحتفاظ بها بشكل غير آمن.

وثائق “سري للغاية” في البريد الشخصي

تعود جذور الأزمة إلى مداهمة نفذها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في غشت 2025 لمنزل بولتون ومكتبه، حيث تم العثور على وثائق حساسة للغاية مصنفة “سري للغاية”.

وقد كشفت التحقيقات عن نمط مقلق من الإهمال الأمني، حيث استخدم بولتون بريده الإلكتروني الشخصي غير الآمن لنقل هذه المعلومات المصنفة، كما أرسل بعض الوثائق إلى جهات غير مصرح لها بالاطلاع عليها.

هذا السلوك أثار مخاوف جدية لدى الأجهزة الاستخباراتية من احتمال تسريب بيانات حساسة إلى أطراف أجنبية، مما يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة.

عداء صريح للمغرب.. “عدو الوحدة الترابية” في قفص الاتهام

إلى جانب الأبعاد الأمنية والقضائية، يكتسب التحرك ضد جون بولتون أهمية خاصة في المغرب، حيث يُعرف المستشار السابق بمواقفه الصارمة التي تجاوزت مجرد النقد إلى دعم علني لجبهة البوليساريو ومعارضة قوية لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لحل نزاع الصحراء.

وخلال فترة عمله في البيت الأبيض، سعى بولتون إلى إعادة توجيه مهام بعثة المينورسو التابعة للأمم المتحدة للضغط على المغرب وتغيير مسار العملية السياسية.

كما ساهم بولتون بشكل فعال في نشر خطاب معادٍ للوحدة الترابية للمملكة داخل المؤسسات الأمريكية، مما استدعى رداً دبلوماسياً قوياً ومباشراً من الرباط حينها.

إن توجيه اتهامات جنائية خطيرة لبولتون بخرق أمن الدولة يأتي ليزيد من تشويه صورته، ليس فقط كمحافظ متشدد، بل كشخص قد يكون قد عرّض معلومات وطنية للخطر، وهو ما يُعد فصلاً جديداً ومثيراً في مسيرة شخصية سياسية تثير الجدل أينما حلت وارتحلت.

إ. لكبيش / Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *