بينما جدد المشاركون في الندوة الإقليمية حول “الإعلام والقضايا الكبرى في المنطقة المغاربية” دعمهم الثابت والدائم للقضية الفلسطينية، إنتهى البيان الختامي للندوة إلى حث الحكومات المغاربية والإطارات المهنية إلى تبني العديد من التوصيات الواردة فيه، وعلى رأسها إحترام حرية الصحافة، ووقف الملاحقات وإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين.
وإختتمت أمس الأربعاء بالعاصمة المغربية الرباط، أشغال الندوة الإقليمية حول “الإعلام والقضايا الكبرى في المنطقة المغاربية”، التي نظمها المنتدى المغربي للصحافيين الشباب بشراكة مع الهيئات المنضوية تحت لواء الشبكة المغاربية لحرية الإعلام، بمشاركة إعلاميين وخبراء وفاعلين حقوقيين ومؤسساتيين وممثلين عن منظمات إقليمية ودولية من المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا، وتشاد.

وعلى مدى يومين من النقاش والتفكير الجماعي، تناول المشاركون بالتحليل قضايا التحول الجيوسياسيوالاجتماعي في المنطقة المغاربية، والتحديات التي تواجه الإعلام في سياق التطورات الدولية المتسارعة.
وأكدوا، أن الصحافة المغاربية مدعوة اليوم إلى الارتقاء بدورها كفاعل في صناعة الوعي الجماعي وصياغة السرديات الإيجابية، بدل الاقتصار على التغطية الظرفية للأحداث.
دعم القضية الفلسطينية ودور لجنة القدس
جدد المشاركون تضامنهم الثابت مع الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي، مثمّنين الدور الريادي للمملكة المغربية، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في الدفاع عن المدينة المقدسة ودعم صمود أهلها، من خلال المبادرات الميدانية والإنسانية التي تشرف عليها وكالة بيت مال القدس الشريف. وأكد البيان أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية في الضمير المغاربي، وأن الدفاع عنها هو دفاع عن الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية التي تتقاطع مع قيم الإعلام الحر والمسؤول.
الإعلام ووحدة الشعوب المغاربية
وأكد المشاركون على الإيمان الراسخ بوحدة المصير بين شعوب المنطقة المغاربية.
ودعوا إلى اتخاذ إجراءات عملية تضمن حرية التنقل بين بلدان المغرب الكبير وفتح الحدود المغاربية، باعتبارها خطوة أساسية نحو تحقيق التكامل الإقليمي وتيسير التبادل الثقافي والإعلامي بين الصحافيين والمؤسسات الإعلامية.
كما شددوا على ضرورة تعزيز التعاون المهني والإعلامي بين دول المنطقة، من خلال إنشاء شبكات وتكتلات مهنية مشتركة تسهم في بناء فضاء إعلامي مغاربي حر، متجدد، ومسؤول.
محاربة خطابات الكراهية
ونبّه النقاش الذي دار في الندوة طيلة يومين إلى تصاعد خطابات الكراهية والتحريض في الفضاءات الرقمية والإعلامية.
وإعتبر أن من أبرز مصادرها الاعتداء اللفظي أو الرمزي على الوحدة الترابية للدول أو المسّ بسيادتها ورموزها الوطنية، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلم الاجتماعي ووحدة الشعوب. ودعا المشاركون إلى اعتماد مواثيق مهنية وأخلاقية مغاربية مشتركة تُجرّم التحريض على العنف أو العداء بين الشعوب، وتشجّع الصحافة على تبنّي خطاب التفاهم والاحترام المتبادل، وتغذية روح الأخوة المغاربية الجامعة.
الإعلام المغاربي والتظاهرات الرياضية الكبرى
وأكد المشاركون أن الأحداث الرياضية الكبرى، وعلى رأسها كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030 التي ستُنظَّمان بالمملكة المغربية، تمثل فرصة تاريخية لبناء سردية مغاربية موحدة تُعلي قيم الأخوة والتقارب بين الشعوب. ودعا المشاركون إلى، إطلاق منصّة تحريرية مغاربية مشتركة للتغطية المهنية للبطولات، تضم غرف أخبار متعاونة وشبكة مراسلين عابرة للحدود.
وأوصى المشاركون، بإعتماد مواثيق مهنية ضد خطاب الشحن والتعصب الرياضي، وتجريم التحريض والكراهية في التغطيات والمنصات.
كما أوصوا، بإقرار برامج تكوين مشتركة في الصحافة الرياضية والتحليل، مع تبادل الخبرات الإعلامية.
وحث المشاركون، على ضرورة تيسير تنقّل الصحافيين والفرق الإعلامية بين بلدان المنطقة عبر إجراءات موحدة، انسجامًا مع الدعوة العامة إلى حرية التنقل وفتح الحدود المغاربية.
انخراط الشبكة المغاربية لحرية الإعلام
أعلنت الشبكة المغاربية لحرية الإعلام، المنبثقة عن النسخة الأولى من الندوة المغاربية سنة 2023، عن انخراطها في صياغة “ميثاق إعلامي وحقوقي مغاربي” يُرسّخ مبادئ احترام الكرامة الإنسانية، ويحارب خطابات الكراهية والتفرقة بين الشعوب، ويدعو إلى الوحدة والتضامن المغاربي باعتبارهما ركيزتين للسلم الإقليمي والتكامل الديمقراطي. كما عبّرت الشبكة عن عزمها الانخراط في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير في المنطقة المغاربية والساحل والصحراء، من زاوية تستند إلى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وذلك عبر الرصد والتوثيق والتفاعل مع الآليات الأممية لحماية حرية التعبير وحقوق الإنسان ذات الصلة، وبما يُسهم في تعزيز بيئة إعلامية آمنة ومستقلة.
حرية الصحافة وحقوق الإنسان
وشدّد المشاركون على أن حرية الصحافة وكرامة الصحافيين ركيزتان لا غنى عنهما لأي مشروع ديمقراطي حقيقي، داعين إلى مراجعة الإطار القانوني والتشريعي للصحافة في دول المنطقة بما يضمن استقلاليتها وحمايتها من التضييق أو الرقابة. كما عبّروا عن تضامنهم مع جميع الصحافيين المعتقلين أو الملاحقين بسبب آرائهم، ودعوا الحكومات المغاربية إلى إطلاق سراحهم ووقف كل أشكال التضييق على الممارسة الصحافية.
الرباط.. صحفيون يناقشون حرية الصحافة بفلسطين ومستقبل الإعلام المغاربي
نحو فضاء مغاربي موحد للحرية والتعاون
وأكد المشاركون أن التحولات التكنولوجية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، تستدعي بناء سياسات إعلامية مغاربية مشتركة تُوازن بين حرية التعبير والمسؤولية، وتُسهم في تطوير قدرات الصحافيين على مواجهة الأخبار الزائفة وخطابات التضليل. كما دعا المشاركون إلى تعزيز التعاون جنوب–جنوب في المجال الإعلامي، وتشجيع التبادل بين غرف التحرير المغاربية، وإطلاق مشاريع إنتاج مشترك تُكرّس قيم الوحدة، والحرية، والعدالة الاجتماعية.
يذكر أن المشاركون في النسخة الثانية من الندوة المغاربية حول الإعلام، عبروا في البيان الختامي، عن شكرهم للمملكة المغربية على حسن الاستقبال والتنظيم، وعلى جهودها المتواصلة في دعم الحوار المغاربي والدفاع عن حرية الإعلام، مؤكدين التزامهم الجماعي بمواصلة العمل من أجل بناء فضاء إعلامي مغاربي موحد، حر، ومسؤول، يضع الإنسان في صلب اهتمامه، ويجعل من الكلمة الحرة جسرًا نحو الوحدة والسلام.
*هشام الشواش le12
