في كل عام ومع اقتراب موسم العودة إلى المدارس، تتجدد حالة من الفوضى والارتباك في سوق الكتب المدرسية بالمغرب، مما يضع الآباء وأصحاب المكتبات في مواجهة تحديات متكررة ومعقدة.

إدريس لكبيش / Le12.ma

يشهد سوق الكتب المدرسية في المغرب حالة من الفوضى والاضطراب مع بداية كل موسم دراسي، فمشاكل توفر الكتب، وارتفاع أسعارها، وسوء توزيعها يضع الآباء وأصحاب المكتبات في موقف صعب.

وبينما تحاول الحكومة تنظيم القطاع العام، يظل القطاع الخاص حقلًا خصبًا للممارسات التجارية غير المنظمة، مما يزيد من معاناة جميع الأطراف.

تحديات متجددة مع بداية كل موسم دراسي

يواجه سوق الكتب المدرسية في المغرب تحديات متكررة ومعقدة مع اقتراب العودة للمدارس، حيث تتكرر نفس المشاكل كل عام.

وتتجلى هذه التحديات في نقص الكتب، وتضارب الأسعار، وفوضى في عملية التوزيع، مما يخلق حالة من الإحباط والتوتر لدى الأسر وأصحاب المكتبات على حد سواء.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة، لا تزال سنة 2025 تكشف عن نقاط الضعف الهيكلية في هذا القطاع، وتزيد من حدة التوتر بين الفاعلين في القطاعين العام والخاص.

وتشير شهادات المهنيين إلى أن المشكلات مستمرة، وتتجاوز مجرد صعوبات لوجستية لتصل إلى قضايا تنظيمية عميقة.

الأسعار والمواعيد.. ضغط مستمر على المهنيين

تُعدّ الأسعار والمواعيد من أبرز التحديات التي تواجه القطاع.

ففي ظل سياسات تحدد أسعارًا غير منطقية، يجد الناشرون والمطابع أنفسهم أمام خيار الطباعة بخسارة.

يؤكد حسن الكمون، نائب رئيس جمعية المكتبات المستقلة في المغرب، أن كتابًا مثل كتاب اللغة الفرنسية لبرنامج “المدارس الرائدة” يُباع بسعر رمزي لا يغطي تكلفة الورق نفسه.

وفي المقابل، يرى طارق علوش من مجموعة مهن الطباعة أن السنوات الأولى لأي مبادرة جديدة تكون صعبة، وأن الهدف هو بناء صناعة طباعة محلية قوية قادرة على المنافسة بعد عقود من الاعتماد على الطباعة في الخارج.

أما على صعيد المواعيد، فيتوقع المهنيون أن الأمر سيستغرق شهرًا تقريبًا حتى تصل الكتب إلى المكتبات، مع احتمال عدم انتظام عملية التوزيع.

ويحذر الكمون من أن هامش الربح الضئيل وتكاليف النقل المرتفعة قد تمنع العديد من أصحاب المكتبات من توفير الكتب بشكل فعال، مما يزيد من معاناة الآباء في العثور على ما يحتاجونه.

غياب التنظيم في القطاع الخاص

تكمن المشكلة الأكبر في غياب الرقابة على سوق الكتب المدرسية الموجهة للمؤسسات التعليمية الخاصة، فبينما تخضع الكتب المخصصة للمدارس الحكومية لرقابة الوزارة، يستغل بعض الناشرين هذا الفراغ التنظيمي لفرض كتب بأسعار مبالغ فيها، حيث يُباع كتاب تكلفته 35 درهمًا بما يصل إلى 300 درهم، مما يتيح لهؤلاء الناشرين تحقيق أرباح طائلة.

ويطالب فاعلون في القطاع بضرورة تنظيم هذا السوق وفرض إلزامية عرض الأسعار على كل كتاب، أسوة بالدول الأخرى.

وحتى المدارس الكبرى والبعثات الأجنبية لا تسلم من هذه الفوضى، حيث لا يتوفر ربع الكتب المستوردة في الوقت المحدد، ومن المتوقع ألا يكتمل توفير الطلبات حتى نهاية شهر شتنبر.

ممارسات تجارية غير عادلة

بالإضافة إلى مشكلات الكتب، يواجه أصحاب المكتبات تحديًا آخر يتمثل في بيع اللوازم المدرسية من قبل المؤسسات التعليمية نفسها.

وعلى الرغم من أن الأكاديميات تمنع هذه الممارسة رسميًا، إلا أنها لا تزال مستمرة، خاصة في مدن مثل الدار البيضاء والرباط، مما يشكل منافسة غير شريفة تهدد استمرارية المكتبات.

نظرة عامة على القطاع

يُظهر الوضع الحالي حاجة ماسة إلى إطار قانوني مستقر ينظم هذا القطاع الحيوي، حيث يُعَدّ المغرب المستورد الأول للكتب في المنطقة والقارة، والسابع عالميًا، حيث بلغت وارداته من الكتب الفرنسية 22 مليون يورو في عام 2022، نصفها تقريبًا كتب مدرسية.

أما سوق النشر المحلي فيقدر بنحو 340 مليون درهم سنويًا، إلا أن غياب الأرقام الرسمية يمنع تحديد حجمه الحقيقي.

ويشدد الفاعلون في القطاع على ضرورة الإبقاء على برنامج “المدارس الرائدة” تحت إشراف الدولة، لضمان عدم خضوعه لمصالح خاصة قد تزيد من أعباء الأسر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *