في مقالة رأي له، يوجه محمد السلهامي، مدير ماروك إيبدو، سهامه نحو حميد المهداوي، واصفاً إياه بـ “مُزوِّر المعلومة وخاصمِ الحقيقة”، وذلك على خلفية بثّه لمقاطع مقتطعة من اجتماع داخلي للجنة الأخلاقيات التابعة للجنة المؤقتة لشؤون الصحافة.
ويؤكد السلهامي أن حرية الصحافة “لا تُسوِّغ التزييف ولا تبرّر التشويه”، محذراً من تحويلها إلى “سلاحٍ يشهره المهدوي في وجه المؤسسات”.
بين الصحافة و”الضوضاء الرقمية”
يضع السلهامي النقاط على الحروف في توصيفه لمهنة المهداوي، مؤكداً أن الأخير “ليس في ميزان المهنة إلا صاحبَ قناةٍ على “يوتيوب”، تُحرّكه الحماسةُ العمياء، وتستدرجه نشوةُ المزايدة”.
ويرى أن الادعاء بممارسة المهداوي للصحافة هو “ضربٌ من التلبيس”، لا يليق إلا بمن خلط بين “شرف الخبر وابتذال الضوضاء الرقمية”، وهو خلطٌ لا يهدّد المهنة فحسب، بل “يطالُ سلامةَ الفضاء العام المغربي كلّه”.
ويشدد السلهامي على ضرورة التوقف عن “هذا الوهم”، فالرجل –حسب وصفه– “لا يعرف للضوابط قدراً، ولا للأخلاق المهنية وزناً”.
وبدلاً من ذلك، “يجوب ‘يوتيوب’ كما يجوب الساعيُ أسواقَ العوام، يبثّ الغضب، ويروّج الفضيحة، ويقتات على الخلط بين المعلومة الرصينة ومهاوي التلصّص والتكسّب”.
جريمة البثّ المُشوَّه.. التشهير لا التنوير
يشير المقال إلى الحادثة التي وقعت يوم الخميس 20 نونبر 2025، حيث قام المهداوي ببثّ مقاطع مقتطعة، وبشكل “غير قانوني”، من اجتماع مغلق للجنة الأخلاقيات.
ويوضح السلهامي أن القصد لم يكن “تنويرَ الرأي العام، ولا أداءَ واجبٍ مهنيّ”، بل كان “عن نيةٍ مبيّتة، التشهيرَ والتشكيكَ وزرعَ البلبلة وتقويضَ الثقة في مؤسسات الضبط، وفي مقدّمتها المجلس الوطني للصحافة”.
ويصف هذا السلوك بأنه “خطةُ هدمٍ أخلاقي تتواصل حلقاتها”، وليس “مهنةً تُمارس”.
سوابق قضائية تُلغي “شهيد الرأي”
يتطرق السلهامي بوضوح إلى السجل القضائي لحميد المهداوي، مستدلاً به على غياب المصداقية.
ويذكر أن المهداوي “يُتابَع اليومَ بتهم التشهير، وقد صدر في حقّه حكمٌ بالسجن سنةً ونصفاً نافذة وغرامةٍ ثقيلة، فضلاً عن سوابق قضائية مثقلة”. وللتذكير، فقد أدين بثلاث سنوات سجناً نافذاً بسبب تورّطه في ملفّ “حراك الريف”.
ويرفض المقال أي محاولة لوصف هذه الوقائع بأنها “ظلّ للاضطهاد السياسي”، مؤكداً أنها “خلاصة علاقة مشوّشة ودائمة مع القانون”.
ويتساءل: “فأيُّ مصداقيةٍ تُمنح لأقوال رجلٍ مسبوقٍ قضائياً؟”، ليخلص إلى أننا لسنا “أمام شهيد رأي، ولا أمام فعلٍ سامٍ؛ إنما أمام جنحةٍ من جنح القانون العام، بلا بطولةٍ ولا مجد”.
الحرية لا تعني الفوضى.. والمُشغِّل الأول هو “يوتيوب”
يؤكد السلهامي أن المهداوي “لا يزال يتدثّر بعباءةٍ بالية تُسمّى ‘حرية التعبير’، يستعملها ستاراً لتبرير الشتم والقذف والتضليل”.
ومع ذلك، يضع المقال حداً فاصلاً: “غير أنّ الحرية لا تعني الفوضى، ولا تُجيز قلب الحقائق، ولا تسمح بتضليل الناس”.
ويختتم هذا الجزء بتأكيد الهدف النهائي للمهدوي: “ليقبض، في نهاية المطاف، أجرَه الحقيقي من “يوتيوب”، مشغّله الأول”.
صراع بين رؤيتين.. المسؤولية مقابل الفوضى
في الختام، يؤكد محمد السلهامي أن القضية تتجاوز شخص المهداوي، لتصبح “صراعاً بين رؤيتين للصحافة: رؤيةٌ تتأسّس على المسؤولية والأخلاق واحترام القواعد، ورؤيةٌ تُغذّي الفوضى الرقمية، حيثُ تحلّ الشتيمة محلّ الخبر”.
ويعتبر المقال لجوء اللجنة المؤقتة للقضاء “خطاً أحمر واجباً”، يذكر بأن “الصحافة ليست غابة، وأنّ بطاقة الصحافي ليست رخصةً تُنتهك”.
ويخلص إلى أن المغرب لا يحتاج إلى “مزوّري الأخبار ولا إلى دعاة البوز”، بل يحتاج إلى “صحافيين مسؤولين، يقدّرون وزن الكلمة”، محذراً: “فحين تصبح الوشايات والتربّح نموذجاً، تميدُ الديمقراطية. وحين يُستساغ الكذب، تصبح الحقيقة أولى الضحايا”.
إدريس لكبيش/ Le12.ma
