شهد اجتماع لجنة الداخلية، أمس الخميس، المخصص للمناقشة والتصويت على التعديلات المتعلقة بمشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، سجالاً حاداً ومكاشفة غير مسبوقة بين وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، والمجموعة النيابية لحزب “البيجيدي”.
محور الخلاف كان المادة السابعة من المشروع، التي تتعلق بتشديد شروط الأهلية للترشح، خاصة فيما يخص حالات التلبس واستبعاد الأحكام الابتدائية من شروط المنع.
وزير الداخلية تصدى لمزايدات البيجيدي، حين قال: سأقدم إستقالتي إذا ثبت أن القوانين الانتخابية تخدم طرفاً سياسيا”.
ولم يتردد الوزير لفتيت في توجيه عتاب قوي للمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، التي طالبت بتخفيف الإجراءات المتعلقة بحالات التلبس وإلغاء استبعاد الأحكام الابتدائية من شروط الأهلية للترشح.
واعتبر لفتيت هذا الموقف “مساساً بروح الإصلاح” وتأييداً غير مباشر لـ”التساهل مع استعمال المال” في الاستحقاقات الانتخابية.
وبنبرة الواثق من أهمية المادة، قال الوزير: “لنكن صرحاء، فقلب القانون الذي جئنا بها هو هذه المادة السابعة”.
وأضاف باستغراب مخاطباً نواب العدالة والتنمية: “إذا كان العدالة والتنمية يريد هذا التعديل فغير معقول أن تطالب بالتخليق في الندوات التي تنظمها”، مشدداً على أن الهدف الأساسي من القانون الجديد هو “حماية هذا المجلس الموقر والعملية الانتخابية”.
قرينة البراءة أم حماية المؤسسة؟
شكلت مسألة قرينة البراءة نقطة خلاف جوهرية. وتوجه لفتيت إلى نواب المجموعة النيابية مستنكراً: “ما يخيفني صراحة هو أن حزبكم الذي يطالب دائما بحماية الانتخابات، اليوم جاء يطالب بالعكس”، متسائلاً بحدة: “كيف يمكن أن نجد شخصاً متلبساً في إعطاء المال في الانتخابات، ومع ذلك ننتظر الحكم النهائي لمنعه من الترشح”؟.
ولمواجهة حجة قرينة البراءة، استشهد وزير الداخلية بسوابق في الوظيفة العمومية، حيث يوقف راتب الموظف المتلبس بالرشوة، وحتى بسوابق دولية، مذكراً بـ”حرمان مارين لوبان من الترشح استنادا إلى حكم ابتدائي” في “الدول الديمقراطية”.
وأكد أن ما جاءت به المادة هو “تشديد الإجراءات” لحماية المؤسسة والانتخابات.
رفض قاطع للتعديلات وتذكير بدور المحكمة الدستورية
أكد وزير الداخلية رفضه القاطع لـ”جميع التعديلات” التي تقدمت بها الفرق والمجموعة النيابية، مستثنياً فقط “أحد التعديلات التقنية البسيطة”.
وحول المخاوف من عدم دستورية المادة، أوضح لفتيت أن القانون سيحال حتماً إلى المحكمة الدستورية، التي “ستقوم بعملها في كل الأحوال”، مشدداً على أن عمل المحكمة الدستورية هو الفيصل.
واختتم لفتيت كلامه بعبارات عتاب شديدة اللهجة، معبراً عن ألمه من المطالبة بالتخفيف في ظل “نقاش مجتمعي مهم لحماية العملية الانتخابية”.
وتساءل الوزير، في ختام النقاش، بمرارة: “ماذا تريدوننا أن نفعل؟ إما أن نحمي قرينة البراءة أو نحترم هذا المجلس؟” مؤكداً أن التشريع الحالي يخضع لرقابة المحكمة الدستورية وأن الطعن في القرارات الصادرة هو حق مكفول.
ويعكس هذا النقاش حجم الرهان الحكومي على هذا القانون لإرساء آليات “التخليق السياسي” ومحاربة استغلال المال في الانتخابات، في وقت ترى فيه المعارضة أن بعض الإجراءات قد تمس مبدأ البراءة أو تفتح باباً للتضييق على الحريات السياسية.
إدريس لكبيش/ Le12.ma
