جهان مرشيد -ومع

 

إذا كان رمضان المبارك يضع الصائمين في قلب تغييرات متعددة، مرتبطة، أساسا، بالنظام الغذائي واضطرابات النوم، فإن تعامل الصائم أو المستهلك مع مجموع هذه التغيرات لا يرفع دائما التحدي المتصل بالهاجس الصحي خلال هذا الشهر الكريم.

في هذا الصدد، يلاحظ تسجيل مجموعة من الاختلالات ليس فقط من حيث كمية استهلاك المواد الغذائية، وإنما كذلك في نوعية الأطعمة التي يكثر عليها الإقبال خلال هذه الفترة.

ويؤكد هذا المعطى عدد من الآراء التي تم استطلاعها بأسواق وشوارع مدينة سلا، وتحديدا في السوق المركزي للمدينة وسوق باب شعفة، حيث أقر معظم المستجوبين بالإكثار من تناول أطعمة غنية بالسكريات والذهنيات خلال وجبة الإفطار وحتى بعدها، من قبيل حلوى “الشباكية” وحلويات أخرى مماثلة. وأشار بعضهم إلى عدم الاكتفاء بوجبتي الإفطار والسحور، بل تناول وجبة ثالثة بينهما، فيما ذهب البعض الآخر إلى الإكثار من شرب السوائل، كالماء والعصائر، واستهلاك الفواكه والخضر، مع الإعراض عن الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات.

في هذا السياق، أكدت إكرام تيكور، الأخصائية في الطب العام والتغذية في الرباط، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “المستهلك أضحى أكثر وعيا بمخاطر الإفراط في الأكل خلال السنوات الأخيرة”، مبرزة أن جل الأسر المغربية أصبحت تكتفي بوجبتين خلال هذا الشهر الفضيل، وهما في الغالب الإفطار والسحور.

وبعد أن أشارت إلى استمرار الإسراف الكبير للصائمين في تناول المأكولات المقلية والغنية بالسكريات سريعة الهضم خلال وجبة الإفطار، شددت الطبيبة على العواقب الوخيمة التي يمكن أن تعود بها هذه النوعية من الأطعمة على صحة الصائم، سواء خلال رمضان أم حتى بعده. وقالت إن من الأخطاء الغذائية الشائعة خلال شهر الصيام استهلاك أطعمة تُشعر الصائم بالشبع لكنها في الحقيقة لا تحتوي سوى على السعرات الحرارية، التي من بين أخطر انعكاساتها زيادة الوزن أو السمنة.

وبحسب الدكتورة إكرام تيكور، فإن من أبرز المغالطات التي يقع فيها المستهلكون خلال شهر الصيام الإكثار من أكل التمور، “التي، وإن كانت فوائدها الصحية غنية وعديدة، فإن الإفراط في تناولها يسقط الصائم في فخ الإكثار من السكريات، خاصة عندما يتناول معها أو عقبها مأكولات أخرى لا تخلو من السكريات”.

وأضافت الدكتورة تيكور أن من بين هذه المغالطات، كذلك، الإقبال الكبير على شرب العصائر، من منطلق كونها محضرة في المنزل بفواكه طبيعية، في حين أن “استهلاك أي فاكهة بطريقة مباشرة ودون تعصيرها يمثل الطريقة الصحيحة والمفيدة، باعتبار أن تعصير الفواكه يُفقدها الألياف الغذائية التي تحتوي عليها ويحولها إلى سكريات مضرّة بصحة الجسم.

وبخصوص العواقب والمخاطر الصحية المحدقة بالمستهلكين خلال رمضان، فإنها تتضمن، حسب الدكتورة إكرام، العديد من الانعكاسات والمضاعفات الصحية، التي تبدأ بسوء الهضم وقرح المعدة وأعراض الإسهال وزيادة الوزن. وقد تصل حتى إلى الإصابة بداء السكري، مبرزة أنه إذا تحولت العادات الغذائية الرمضانية السيئة إلى عادات دائمة على طول السنة، فإن ذلك قد يؤدي إلى الإصابة بالتهابات معوية وهضمية خطيرة، قد تتطور مع مرور الوقت إلى سرطانات.

ولتفادي كل هذه المخاطر نصحت تيكور، في المقام الأول، بالحفاظ على الانتظام في أوقات النوم والإكثار من شرب السوائل، وخاصة منها الماء (بمعدل لتر إلى لترين يوميا) فضلا عن الحرص على تحقيق معادلة التنوع والتوازن الغذائي، مشددة على ضرورة التركيز على المواد الغنية بالبروتينات والفيتامينات والسكريات بطيئة الهضم، مع الإكثار من تناول الخضر والفواكه والحليب ومشتقاته والفواكه الجافة، وخاصة في وجبة الإفطار، بوصفها الوجبة الرئيسية في رمضان.

ويتواصل هاجس تغيّر العادات الغذائية والأنماط الاستهلاكية حتى بعد انتهاء رمضان المبارك والعودة إلى نظام الأكل العادي، إذ يتطلب هذا الانتقال، بدوره، اعتماد أنظمة غذائية سليمة ومتوازنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *