ع. الرزاق بوتمزار

على بعد شهور من الانتخابات التشريعية التي سيشهدها المغرب، في أفق تغيير “وجوه”الپارشوك، الذين وصلوا إلى الحكومة في ظروف اجتماعية وسياسية محتقنة عربيا في إطار ما اصطُلح عليه “الربيع العربي”والذي واكبته وطنيا احتجاجات 20 فبراير وبعد وعود انتخابوية حشَوا بها أدمغة من يصدّقونهم من “المريدين “، لا يُذكر لحكومة الإخوان، بولايتها، غير تأزيم وضع المغاربة، وهُم الذين ركبوا على شعارات “غليظة”لم يتحقّق منها فعليا غير.. النقيض تماما..
فبينما ظل بنكيران “يدوخ”على الشعب بـ”عنترياته”و”غزواته”اللغوية (الشّفوي الله ْيداوي) وهو يعزف على الوتر الحساس الذي يدغدغ مشاعر من يصدّقون أنه وحكومته سيحاربون الفساد ويقتلعون جذوره ويسيرون بالمغرب نحو بر الأمان، شأنه في ذلك شأن “سلفه”من تجار الدين من الصّحراء إلى الصّحراء، مضيفا إليها بعض التوابل، من قبيل “العفاريت والتماسيح”وقفشاته المضحكة، وكأنه مهرّج وليس رئيسَ حكومة، سرعان ما طاب لـ”الزعيم”المقام في كرسي السلطة الوثير ونسيان كل الوعود المعسولة التي كان يصدح بها هو و”رْباعتو”، والتي بفضلها وصل إلى منصبه.
ولم يكتفِ بنكيران بالمماطلة والتسويف، من خلال “البْلابلا”التي يبرَع فيها، بل دار دورة كاملة وتخلّى عن “محاربة العفاريت والتماسيح”واستبدلها بمحاربة الإرادة الشعبية في التغيير، التي عكسها حراك 20فبراير، الذي صدحت خلاله الحناجر بشعارات قوية منادية بتغيير حقيقي، في أفق “تحسين أوضاع مختلف الشرائح الاجتماعية”و”القطع مع الفساد الإداري والمحسوبية والزبونية” وغيرها من الشعارات الكاذبة، التي لم يملّ “الإخوان”يوما من ترديدها حين كانوا في المعارضة، قبل أن تتحول إلى نقيضها تماما وقد تفطّحوا فوق الكراسي الوثيرة لـ”التحكّم”.
ثم فجأة، تحكّمَ “الإخوان” في رقاب المغاربة من موقع لم يكونوا يحلمون به يوما لولا أنهم عرفوا جيدا من أين تؤكل الكتف، مستغلين في ذلك الأوضاع المتأزمة وخطابهم الديني الماكر، الذي يجيد التلاعب بمشاعر “الدراويش”، مستغلا التركيبة النفسية والدينية للبسطاء الذين لديهم استعداد فطري لتصديق الخطابات المؤسَّسة على الجانب الروحي والديني، الذي يشترك فيه عموم المغاربة، خصوصا “النية”منهم، الذين تنطلي عليهم بسهولة مثل هذه “الشطحات”، التي لا يمكن إلا أن نرفع القبّعة لـ”المعزول”بنكيران، الذي يجيدها، دون سواها، حدّ الإتقان.
ولأنّ النتيجة النهائية في أرض الواقع “صفْر”رغم كل “الكلام الكبير”، فقد كان طبيعيا أن ينتهي مول الملاوي والضرائب وديالي اكبر من ديالها والعفاريت والتماسيح وهلمّ تخاريف من عُدّة اشتغال “الحْلايقية”(مع احترامي لهؤلاء لأنهم واضحون وينسجمون مع أنفسهم) فقد كان طبيعيا أن يتم عزل بنكيران، وإن كان ذلك بعد ضمانه تقاعدا “سمينا”ناهز السبعة ملايين شهريا، وهو الذي “أغرق” المغاربة بقراراته العشوائية والترقيعية واللااجتماعية، التي زادت القطاعات الحيوية في البلاد تأزيما، من التعليم إلى الصحة والشغل، والتي كان نظام التوظيف بالتعاقد في التعليم أحد “عجائبه”، والذي واصله خلفه سعد الدين العثماني، كإجراء سريالي لا يمكن إلا أن ينتهي إلى ما نرى من احتقان شعبي وغليان لم يشهده الشارع المغربي في عهد أية حكومة أخرى، مهما قيل عن سوئها وبعد سياساتها عن نبض الشارع وانتظاراته.
ولأنهما “مسگيينْ بمغرفة وْحدة” ولا يملكون أيّ حلول لأي من المشاكل المطروحة عليهم، أو بالأحرى التي ورّطوا فيها المغرب والمغاربة، فقد سار الخلَف “البكماني”، كما لقّبه الظرفاء، من منطلق أنه ما شافْ ما قالْ” وتصله أخبار بعض القرارات المهمّة والمصيرية، كما اعترف مرارا بأنه “سْمع بها” بعد اتخاذها والحسم فيها، مثله في ذلك مثل بقية الشعب.. (سار) على خطا سلفه، مواصلا التخبّط في السياسات اللاشعبية ذاتها.. لتنطبق عليهما تماما “الصورة الكاريكاتورية التي كوّنها عنهما المغاربة، والتي ترمز إليها الصورة التقريبية المرفقة بهذا المقال، مع الاعتذار لروحَي الفنانين الراحلين قشبالْ وزْروالْ.
