يمثل مشروع قانون المالية لسنة 2026 خطوة غير مسبوقة في ربط طبيعة المشاريع المبرمجة بمتطلبات حسن تدبير المالية العمومية، كما يمثل خطوة استراتيجية لحكومة عزيز أخنوش، تهدف من خلالها وفق الرؤية الملكية، إلى تعزيز الحكامة الجهوية وتقليص الفوارق المجالية، وتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة على مستوى جميع الجهات.

* محمد ابن إدريس

من الموارد إلى النتائج: الاستثمار والأثر الملموس في جميع جهات المملكة؟ يشكل هذا السؤال الكبير محور أجندة سنة 2026 بالنسبة لكل مكونات حكومة عزيز أخنوش، حيث ستُقاس فعالية السياسات العمومية بمدى انعكاسها على حياة المواطنين في قلب المدن والجهات الاثنتي عشرة، وعلى قدرة المغرب على تعزيز النمو الشامل والمستدام، انسجاما مع التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس.

ويمثل مشروع قانون المالية لسنة 2026 خطوة غير مسبوقة في ربط طبيعة المشاريع المبرمجة بمتطلبات حسن تدبير المالية العمومية، إذ سيُتيح، وفق التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير، فرصة لتجسيد جيل جديد من برامج تنموية قائمة على رؤية مبتكرة أكثر ارتباطًا بالواقع الترابي، وتراعي خصوصيات كل جهة وأقاليمها واحتياجاتها التنموية، بما يعكس سعي جلالة الملك إلى تعزيز التنمية المتوازنة، العدالة المجالية، والنمو الشامل.

فعمليًا، يتعين على الوزارات والإدارات ومختلف مصالح الدولة إدماج معطيات ومعايير تختلف من جهة إلى أخرى ومن إقليم إلى آخر، في تحوّل جوهري عن الممارسة التقليدية المتمثلة في وضع مخصصات مالية إجمالية على المستوى الوطني، ثم توزيعها لاحقا وفق مفاتيح حسابية شبه آلية.

ويهدف هذا التوجه إلى تحقيق عدالة مجالية أعمق، وزيادة فعالية الاستثمار العمومي، وتعزيز النمو الاقتصادي المحلي، بما يتوافق مع الرؤية الملكية لتعزيز التنمية المستدامة والشاملة.

كما يفرض هذا التوجه اعتماد أسلوب عمل جماعي حقيقي بين تمثيليات الدولة وإداراتها في الجهات، قائم على رؤى مشتركة، أهداف موحدة، ومشاريع متكاملة، ليكون التجسيد الأمثل لفكرة “تقارب السياسات العمومية ورفع كفاءة الإنفاق العام”، وتحويل الموارد المالية إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية، انسجامًا مع توجيهات الملك لجعل التنمية خدمة حقيقية لكل المغاربة.

نحو حكامة جهوية فعالة تقلص الفوارق المجالية

يمثل مشروع قانون المالية لسنة 2026 خطوة استراتيجية لحكومة عزيز أخنوش، تهدف من خلالها إلى تعزيز الحكامة الجهوية وتقليص الفوارق المجالية، وتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة على مستوى جميع الجهات.

ويركز المشروع على ربط الاستثمار بالنتائج الملموسة عبر مشاريع البنية التحتية والصناعة والطاقة والخدمات الاجتماعية بمؤشرات أداء قابلة للقياس، إلى جانب تعزيز الدولة الاجتماعية عبر توسيع الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم المباشر للفئات الهشة، وتحسين جودة الخدمات العمومية لضمان شمولية التنمية.

كما يسعى مشروع ميزانية 2026 إلى تطوير أداء الحكامة الجهوية والمحلية عبر تقوية القدرات التنفيذية للمصالح اللامركزية وربط التمويل بتحقيق الأهداف، مع مراعاة الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية لكل جهة وأقاليمها لتحقيق العدالة المجالية.

وتكتسب هذه الإصلاحات بعدا استراتيجيا في ظل التزامات المغرب الدولية، وأبرزها استضافة كأس العالم 2030 بالتشارك مع إسبانيا والبرتغال، ما يستدعي تكثيف الجهود لضمان جاهزية البنية التحتية والخدمات العامة، مع تعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

ويبقى التساؤل المركزي مطروحا: هل سيتمكن المسؤولون المركزيون والجهويون والمحليون من تحويل هذا الطموح الوطني إلى واقع ملموس على الأرض؟ ففي عام 2026، ستتضح لحظة الحقيقة أكثر من أي وقت مضى، حيث سيُقاس نجاح السياسات العمومية بمدى انعكاسها الفعلي على حياة المواطنين في الأقاليم والجهات، وبقدرة المغرب على تحقيق نمو متوازن وشامل ومستدام، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *