“أول متطلبات هذا الجيل هو المستحيل.. لا يطالبون بإصلاحات تدريجية، بل يريدون حلاً شاملاً ينهي جميع مشاكل الكون قبل غروب الشمس”.

إدريس لكبيش / Le12.ma

عزيزي القارئ، هل لاحظت مؤخراً هذا النوع الجديد من الكائنات البشرية الذي يجوب شوارعنا ويملأ منصات التواصل الاجتماعي؟.. أتحدث عن “جيل طوطو”.

هذا الجيل ليس مجرد مجموعة من الشباب، بل هو حالة وجودية مشحونة بالإيقاعات الثقيلة و”التّراكات” الغاضبة، وكأنه خرج للتو من معركة “راب” حامية.

هم، وبكل فخر، جيل “الآن”.. إنهم لا يعرفون أبجدية الانتظار التي تعلمناها نحن الأجيال السابقة، والتي كنا نمارسها كنوع من الرياضة الروحية، مثل انتظار مكالمة هاتفية على الهاتف الثابت، أو انتظار راتب آخر الشهر.

بالنسبة لهم، الانتظار هو إهانة شخصية.. إذا لم يتحقق حلمهم في غضون 3 دقائق و15 ثانية – وهي مدة أغنية “راب” جيدة – فإن المنظومة بأكملها فاسدة، ويجب “قلب الطاولة”!

أول متطلبات هذا الجيل هو المستحيل.. لا يطالبون بإصلاحات تدريجية، بل يريدون حلاً شاملاً ينهي جميع مشاكل الكون قبل غروب الشمس.

يطالبون بمنازل مجانية، عمل “فريلانس” براتب خيالي، سيارة من آخر طراز، ومحيط هادئ خالٍ من “الحاقدين” و”الحساد” – كل هذا قبل أن يكملوا مشروبهم البارد.

إذا سألت أحدهم عن خطته لتحقيق ذلك، سيجيبك بغضب “باغي نشونجي ما في!” وهي العبارة السحرية المأخوذة من أغاني الراب. ثم يكمل: “إذا لم يتغير الواقع، فسنقلب الطاولة!”..

“قلب الطاولة” هي الاستراتيجية الثورية لهذا الجيل.. الذي وصفه آباؤنا وأجدادنا بـ “جيل قيمّش اللي ما يحشم ما يريمّش”..

نحن الأجيال التي تربت على الاحترام، والتزام الصمت، والانتظار لسنين طويلة لتحقيق نصف حلم، نعتبر في نظرهم كائنات غريبة، بطيئة الحركة، و”عايشة فالماضي”.

الجيل السابق كان يقضي حياته في بناء منزل، أو “قبر الحياة” كما يحلو لهم تسميته، وهذا الجيل يقضي حياته في البحث عن “حقيبة” استعدادا للسفر.

في النهاية، هذا الجيل المشحون بالموسيقى الصاخبة والواقع الافتراضي، هو نتاج عالم السرعة الفائقة.

يلومونه على عدم احترام الكبار، وهو يرى أن “الكبير” لم يترك له شيئاً يحترمه سوى المزيد من الأغاني عن الثورة والغضب والأحلام المؤجلة.

قد يكون هذا الجيل ساذجاً في مطالبه الفورية، لكن يجب الاعتراف أن حماسه الزائد – وإن كان موجهاً أحياناً نحو الحائط – هو طاقة لم نشهدها من قبل.

فقط تمنوا لهم أن يجدوا “حقيبة سفر” واسعة وكافية لتحمل أحلامهم الثورية… قبل أن يقرروا قلب الطاولة علينا جميعاً!..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *