وكالات -le12.ma

أعطى الملك محمد السادس، أمس الأربعاء، إشارة انطلاق تنزيل أضخم مشروع اجتماعي في تاريخ المغرب الحديث، ويتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة.

ووُضعت للمشروع أجندة من خمس سنوات ابتداء من السنة الحالية، إذ سيتم العمل تدريجيا على أربع مراحل،

أكد محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، خلال عرض القانون المتعلق بورش الحماية الاجتماعية أمام الملك محمد السادس، أن المشروع يشكّل “ثورة اجتماعية حقيقية”، لما سيكون له من آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف معيشة المواطنين وصيانة كرامة جميع المغاربة وتحصين الفئات الهشة.

وتعليقا على هذا الحدث المهمّ والفارق، صرّح محمد طارق، أستاذ القانون الاجتماعي في جامعة الحسن الثاني بمدينة المحمدية، بأن هذا المشروع يأتي لتجاوز الإختلالات التي شهدتها منظومة الحماية الاجتماعية على مدى العقود الماضية، إذ لم تتجاوز الميزانية التي ترصدها الدولة للحماية الاجتماعية 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

وكان تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والإجتماعي والبئيي قد أكد في تقرير صدر في 2018 أن المغرب يعد من ضمن البلدان الأقلّ استثمارا في الحماية الاجتماعية، وفق تصنيف لمنظمة العمل الدولية. وأبرز التقرير أن 60 في المائة من الأشخاص الذين يفوق سنهم 60 عاما لا يحصلون على معاشات الشيخوخة.

وبحسب آخر المعطيات الرسمية التي كشفها وزير الصحة، فإن نسبة المغاربة المستفيدين من التغطية الصحية العمومية والخاصة تبلغ 68 في المائة.

ورش من روح دستور 2011

صرّح الأستاذ الجامعي المغربي محمد طارق، لموقع “سكاي نيوز عربية” بأن مشروع الحماية الإجتماعية الذي أطلقه العاهل المغربي ينبثق من روح دستور 2011، الذي يقر في المادة الـ31 على “حق المواطنين في الحصول، على قدم المساواة، على العلاج والعناية الصحية وعلى الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية”.

واستعرض المتحدث في هذا السياق المبادرات التي قامت بها الحكومة المغربية بعد إقرار دستور 2011، ومنها وضع نظام للمساعدة الطبية مكّن فئات عريضة من الفقراء والمعوزين من الحصول الولوج إلى المستفشيات وتمكين الطلاب من الاستفادة من التغطية الصحية.

دروس كورونا

أسهمت جائحة كورونا بشكل كبير في الكشف عن الاختلالات التي كانت تعاني منها منظومة الحماية الإجتماعية بالمغرب، إذ واجه آلاف اأشخاص شبح الفقر بعدما فقدوا عملهم نتيجة الإغلاق الذي صاحب إجراءات الحجر الصحي الشامل.

ويؤكد أستاذ القانون الاجتماعي أن الجائحة كان لها الفضل في تعرية “واقع مر” يتمثل في حرمان عدد كبير من الأجراء المغاربة من التغطية الصحية والحماية الإجتماعية، كما ساهمت في الكشف عن حجم الإقتصاد غير المهيكل.

ووقد ربطت الحكومة الدعم الذي قدمته للأجراء المتوقفين عن العمل بالتسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي مأ أظهر أن عددا كبيرا من الأجراء لا يستفيدون من هذا الحق.

وكان الملك محمد السادس، قد نبه إلى هذه الإختلالات في خطاب العرش في يوليو الماضي حينما أكد أن تداعيات أزمة كوفيد-19 “كشفت عن مجموعة من النواقص، خاصة في المجال الاجتماعي، ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل، وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة”. وأعلن الملك محمد السادس خلال هذا الخطاب عن ورش تعميم الحماية الاجتماعية.

فتح قطاع الصحة أمام الخبرات الأجنبية

يرى مراقبون أن المشروع المجتمعي الضخم يواجه مجموعة من التحديات أبرزها التمويل، حيث يتطلب تضامنا بين القطاعين العام والخاص. وخلال تقديم القانون -الإطار المتعلق بتفعيل ورش الحماية الاجتماعية، أكد الوزير محمد بنشعبون، أن “تنزيل هذا المشروع المجتمعي غير المسبوق يتطلب إطلاق مجموعة من الإصلاحات الهيكلية تهم تأهيل المنظومة الصحية، وإصلاح نظام المقاصة، بما يمكن من معالجة الاختلالات على مستوى استهداف الفئات المستحقة للدعم موازاة مع تفعيل السجل الاجتماعي الموحد”. كما أكد الوزير أن تعميم التغطية الصحية يقتضي رفع مجموعة من التحديات تهم، على الخصوص، مواجهة ضعف معدل التأطير الطبي والعجز الكبير في الموارد البشرية وعدم تكافؤ توزيعها الجغرافي.

وكشف بنشعبون توجّه المغرب نحو تعزيز الإمكانات والقدرات الطبية الوطنية ومواجهة النقص في الأطر الصحية التي يقتضيها نجاح هذا الإصلاح، عبر فتح مزاولة مهنة الطب أمام الكفاءات الأجنبية، وتحفيز المؤسسات الصحية العالمية على العمل والاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة، وتشجيع التكوين الجيد وجلب الخبرات والتجارب الناجحة.

ثورة الملك الاجتماعية

أعطى الملك محمد السادس، أمس الأربعاء، إشارة انطلاق تنزيل أضخم مشروع اجتماعي في تاريخ المغرب الحديث، ويتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة.

وبحضور عدد من الشخصيات الحكومية والنقابية والفاعلين في القطاع البنكي وقع الملك محمد السادس على الاتفاقيات المتعلقة بالمرحلة الأولى لهذا الورش، الذي سيتطلب سنويا 51 مليار درهم (5.7 مليارات دولار) منها 23 مليار درهم ستمول من الميزانية العامة للدولة.

وقد وضعت للمشروع أجندة من خمس سنوات ابتداء من السنة الحالية، إذ سيتم العمل تدريجيا على أربع مراحل، تتمثل في تعميم التغطية الصحية لفائدة التجار والحرفيين والفلاحين والعمال المستقلين، بالإضافة إلى أسرهم بما يمثل 22 مليون مستفيد إضافي من التأمين الذي يهم العلاجات والأودية.

وتهم المرحلة الثانية تعميم التعويضات العائلية وتهم نحو 8 ملايين طفل، فيما سيتم خلال المرحلة الثالثة توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد عام 2025، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش.

أما المرحلة الرابعة والأخيرة فتتعلق بتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل عام 2025، من خلال تبسيط شروط الاستفادة من هذا التعويض وتوسيع الاستفادة منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *