في خضم تزايد الهجمات السيبرانية التي تستهدف المؤسسات العمومية بالمغرب، تحولت العاصمة الرباط إلى ساحة مواجهة رقمية عالمية خلال مناورات “ستاند أوف”.
عادل الشاوي
في وقت تعرضت فيه مؤسسات عمومية وحيوية بالمغرب لمحاولات اختراق وتسريب معطيات حساسة، تحولت العاصمة الرباط، يوم 18 شتنبر الجاري، إلى ساحة مواجهة إلكترونية عالمية خلال مناورات “ستاند أوف”، التي نظمتها الشركة الروسية “بوزيتيف تكنولوجيز” ضمن منتدى “الأسبوع الإقليمي للأمن السيبراني”.
التمارين لم تكن مجرد منافسة تقنية، بل محاكاة لسيناريوهات واقعية تهدد البنية الرقمية للمؤسسات، من تسلل خفي إلى تسريب بيانات حساسة، وهو ما يعكس حجم المخاطر المحدقة في عالم يشهد تصاعداً غير مسبوق للهجمات السيبرانية.
خمسة فرق مغربية، مكونة من خبراء المديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSSI) وأطر أكاديمية، دخلت هذا “الميدان الافتراضي”، لتثبت جاهزيتها بانتزاع المراتب الثلاث الأولى أمام منافسين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا، حسب ما نقلته سفارة روسيا الاتحادية في المملكة المغربية.
إيليا ليونوف، المدير الإقليمي للشركة المنظمة، لم يتردد في التنويه بالكفاءات المغربية، مؤكدا أن المملكة تملك قدرات واعدة في التصدي لاختراقات قد تستهدف مؤسساتها العمومية والخاصة على حد سواء.
منذ 2016، تصنف مناورات “ستاند أوف” كإحدى أهم المنصات الدولية لاختبار الدفاعات الرقمية، حيث تعاد فيها محاكاة بيئات إنتاجية واقعية لشركات وقطاعات حيوية، لتذكير الجميع بأن الحرب المقبلة قد تخاض عبر الشاشات بقدر ما تخاض على الأرض.
خطة تصدي عاجلة
كانت وزارة الدفاع الوطني كشفت، أخيرا، عن خطة عاجلة للتصدي لـ “حرب رقمية” تستهدف السيادة الرقمية للمملكة.
عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، استعرض ملامح هذه الخطة، مبرزا أن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات شرعت في تعزيز قدرات الرصد والاستشعار المبكر لدى المؤسسات الوطنية ذات الأهمية الاستراتيجية، مع تفعيل نظام تأهيلي جديد خاص بمزودي خدمات الأمن السيبراني في القطاع الخاص، لضمان التدخل السريع والفعال ضد أي تهديدات رقمية.
وأشار الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، في جواب على سؤال كتابي للفريق الحركي بمجلس النواب، إلى أنه علاوة على ذلك، يجري الاشتغال في إطار مقاربة تشاركية مع الفاعلين الأكاديميين ومؤسسات التكوين، على توسيع شبكة المسالك الجامعية ومسارات التكوين المهني ذات الصلة بالأمن السيبراني، وذلك من خلال إدماج وحدات متخصصة ومضامين بيداغوجية مناسبة، تستجيب لحاجيات الدولة وسوق الشغل.
ويرتقب أن يسهم هذا التوجه، يضف المسؤول ذاته، في تكوين قاعدة من الكفاءات المؤهلة لمواكبة تطور التهديدات السيبرانية، وكذا الانخراط في تأمين الفضاء الرقمي الوطني.
وذكر عبد اللطيف لوديي أن المملكة، بفضل يقظتها وجاهزيتها المؤسساتية والعملياتية، كانت مؤهلة للتعامل مع الحوادث الأخيرة بشكل فعال ومنسق، مضيفا أنه “بمجرد رصد المؤشرات الأولى للهجمات، تم تفعيل لجنة إدارة الأزمات والأحداث السيبرانية الجسيمة المنبثقة عن اللجنة الاستراتيجية للأمن السيبراني قصد ضمان تتبع الوضع واتخاذ الإجراءات المناسبة”.
وقد شملت هذه الإجراءات، في مرحلة أول، تنفيذ تدخلات تقنية ميدانية على مستوى الأنظمة المستهدفة من طرف مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية التابع للمديرية العامة لأمن نظم المعلوميات، من أجل احتواء الأثر المباشر للهجمات.
كما جرى، في السياق نفسه، إجراء تحقيقات رقمية (Digital Forensics) مكنت من استجلاء طبيعة الهجوم وتحديد الثغرات المستغلة، واستيعاب أساليب الاختراق المعتمدة.
وأوضح عبد اللطيف لوديي أنه، بالموازاة مع ذلك، ومن أجل حماية باقة الأنظمة الرقمية الحساسة، جرى إطلاق سلسلة من عمليات الافتحاص الأمني واختبارات الصمود السيبراني لفائدة عدد من المؤسسات العمومية، والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية، بهدف رصد الثغرات المحتملة ومعالجتها قبل أن يتم استغلالها من طرف الجهات المهاجمة.
