اهتزت أركان “الخبز” و”الكرامة” بعد تصريح “ساحق” من السيد أحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة (الذي يُفترض فيه “الأصالة”، لكن تبيّن أن مطاحنه قد تكون “عصرية” أكثر من اللازم!)، خلال مناقشة ميزانية 2026.

لم يكتفِ السيد الرئيس بمناقشة الأرقام الجافة، بل غاص بنا في مطاحن الأسرار، كاشفاً عن “ممارسات مشبوهة” تشمل… طحن الورق وخلطه بالدقيق المدعم!..

يا له من “ابتكار” اقتصادي! كنا نظن أننا نواجه مشكلة ارتفاع الأسعار أو الجودة، لكن تبيّن أننا كنا نأكل “أرشيفاً” أو ربما “فواتير قديمة”!..

تخيّلوا وجبة إفطار مغربية أصيلة بـ”خبز” مطحون من أوراق “بروتوكول اجتماعات” أو “بيانات مالية”! إنه خبز بـ”نكهة بيروقراطية” لا تقاوم!..

التراجع التكتيكي.. من “المطحنة” إلى “المجاز”!..

طبعاً، لم تمر هذه “الورطة الطاحنة” مرور الكرام، فقد اشتعلت المواقع و”البوز” الملعون الذي يبحث عنه الجميع، حتى بات الخبز موضوع الساعة! وهنا، كان على التويزي أن يقوم بـ”مناورة” لا تقل إبداعاً عن فكرة طحن الورق نفسها!

خرج علينا التويزي بمنشور “توضيحي” على فيسبوك، يلوم فيه “الجهات الباحثة عن الإثارة” (وكأن طحن الورق ليس إثارة بحد ذاتها!)، مؤكداً أن حديثه كان… مجازياً لا حرفياً!..

عندما ينقذ “المال” سمعة “الورق”!..

لكن، النقطة “الفاصلة” التي اعتمد عليها البرلماني لإنقاذ موقفه هي الحساب الاقتصادي! فقد أشار بحنكة أن “تفسير كلامه بشكل حرفي لا يستقيم لا منطقياً ولا اقتصادياً”؛ لأن “سعر الورق أغلى من الدقيق!”..

لقد أدركنا أخيرا لماذا لم ينجح “طحن الورق” كـ”مشروع وطني”! السبب ليس الضمير، ولا الخوف من القانون، بل “المردودية الاقتصادية”!..

لو كان الورق أرخص، لكنا اليوم نأكل “كراسات” و”جرائد” بكل فخر! الحمد لله أن “المنافسة التجارية” و”ارتفاع سعر الورق” أنقذانا من هذه “التركيبة الغذائية” غير المستساغة!

الخلاصة.. تبرير زاد الطين “طحيناً”!..

في النهاية، لم ينجح التبرير في إخماد الجدل، بل زاد الأمر تعقيداً (وهذا هو فن التبرير السياسي!)..

فإذا كان القصد هو التلاعب بالفواتير (أي تزوير الوثائق)، فلماذا لم يقل “تزوير الوثائق” مباشرة؟..

هل يعقل أن تُستخدم عبارة “طحن الورق وخلطه بالدقيق” في اللغة الدارجة للإشارة إلى “التلاعب بالملفات”؟ هذا أشبه بالقول: “أنا أسبح في المحيط” لأعني “أنا أبحث عن ملف في الأرشيف”!..

النتيجة: بدلاً من فضح “التلاعب”، وجد التويزي نفسه يطحن “سمعته” بين فكي “التبرير المضحك” و”الهفوة القاتلة”.

وبدل أن نتحدث عن إصلاح قانون المالية، أصبحنا خبراء في أسعار الورق مقارنة بالدقيق، وتأويلات اللغة المجازية تحت قبة البرلمان.

في المرة القادمة، أيها السادة البرلمانيين، قبل أن تطلقوا “مجازاً” مريباً، تذكروا أن المغاربة “يأكلون” كل شيء، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بـ”خبز” بطعم “ورق”!..

إدريس لكبيش / Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *