أعربت فرنسا عن “أسفها الشديد” إزاء قرار محكمة استئناف جزائرية تأييد الحكم الصادر بالسجن 7 سنوات بحق الصحافي الفرنسي، كريستوف غليز، المسجون منذ يونيو الماضي بتهمة “الإشادة بالإرهاب”.

وأصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بياناً رسمياً دعت فيه إلى الإفراج الفوري عن الصحافي، معربة عن أملها في “نتيجة إيجابية” للقضية.

​تأييد الحكم وتفاقم الأزمة

​تم تأكيد الحكم الصادر ضد غليز، مراسل إذاعة “مونت كارلو الدولية” (MCI) لسنوات عديدة، يوم الثلاثاء الماضي من قبل محكمة الاستئناف في مدينة قسنطينة شرق الجزائر.

وكان الحكم الابتدائي قد صدر في وقت سابق بالسجن سبع سنوات وغرامة قدرها 100 ألف دينار جزائري. وكان الصحافي قد اعتُقل في يونيو، وتتعلق التهم الموجهة إليه تحديداً بنشره منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تُفسر على أنها “إشادة بالإرهاب” في سياق يخص الجزائر.

​رد فعل باريس..دعوة صريحة للإفراج

​وفي تصريح له يوم الأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية: “نحن نأسف بشدة لتأكيد محكمة الاستئناف الحكم الصادر بالسجن سبع سنوات بحق كريستوف غليز. إن فرنسا تدعو إلى إطلاق سراحه وتأمل في نتيجة إيجابية حتى يتمكن من العودة بسرعة إلى أحبائه”.

ويُعد هذا التصريح هو الأقوى من نوعه من باريس منذ بدء القضية، ويعكس تزايد القلق الرسمي إزاء مصير مواطنها في السجون الجزائرية. وتُشير الدعوة العلنية للإفراج عنه إلى أن الجهود الدبلوماسية الخلفية لم تُسفر عن نتائج مرضية.

​الجدل القانوني والضغط الدولي المتصاعد

​لا تقتصر التهم الموجهة لغليز على منشورات عامة، بل تتضمن رسمياً تهمتي “تمجيد الإرهاب” و”حيازة منشورات دعائية من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية”، فضلاً عن مخالفته الإجرائية بدخوله البلاد بتأشيرة سياحية.

ويتمحور الجدل القانوني حول أن الإدانة تستند إلى مراسلات واجتماعات أجراها غليز مع شخصية مرتبطة بحركة تقرير مصير منطقة القبائل (الماك)، وهي حركة صنفتها الجزائر كمنظمة إرهابية عام 2021.

ويصرّ محامو الدفاع والمنظمات الصحفية على أن هذه الاتصالات كانت لأغراض صحفية بحتة لإعداد تحقيق عن نادي شبيبة القبائل، مؤكدين أن الملف يثبت أنه تصرّف كصحفي لا كناشط سياسي.

​وفي هذا السياق، كان رد الفعل الدولي قوياً وموحداً. فقد وصفت منظمة “مراسلون بلا حدود” (RSF) الحكم بأنه “لا معنى له ويعكس فقط تدخل السياسة في القضاء” وطالبت بالإفراج الفوري عنه.

كما أصدرت تسع منظمات إعلامية مهنية فرنسية كبرى بياناً مشتركاً أكدت فيه أن غليز “لم يرتكب أي جريمة”، مشددة على أن التوتر الدبلوماسي بين باريس والجزائر يجب ألا ينعكس على حرية العمل الإعلامي أو يؤدي إلى سجن صحفيين، في إشارة إلى أن قانون مكافحة الإرهاب الجزائري الموسع يُستخدم لتقييد حرية الصحافة.

​خلفية التوترات وعلاقات الصحافة

​تأتي هذه القضية في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية-الفرنسية، ورغم محاولات التهدئة، توترات متقطعة، لا سيما فيما يتعلق بملفات الذاكرة والتأشيرات وحرية التعبير.

وتُسلّط قضية غليز الضوء مجدداً على أوضاع الصحافيين والمراسلين الأجانب في الجزائر، والتحديات القانونية والإجرائية التي قد يواجهونها، خاصة في ظل القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب التي تُعطي هامشاً واسعاً لتفسير المحتوى المنشور على الإنترنت.

ومن المتوقع أن تُواصل فرنسا ضغوطها الدبلوماسية على الجزائر لضمان الإفراج عن الصحافي.

وتُبقى عائلة غليز وأصدقائه آمالهم معلقة على التدخلات السياسية والدبلوماسية لإعادة كريستوف إلى بلاده.

إدريس لكبيش / Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *