عرف بنك المغرب خلال الفترة ما بين 2019 و2024 مسارًا ماليًا يعكس كفاءة عالية في التسيير والتكيف مع التحولات الاقتصادية العالمية.

فبعد سنوات من الإستقرار، واجه البنك في 2022 تحديًا استثنائيًا تمثل في تسجيل خسارة تقنية بلغت 412,8 مليون درهم، نتيجة إرتفاع حاد في أسعار الفائدة العالمية وتأثيرها على محفظة السندات بالعملات الأجنبية.

غير أن هذه الخسارة لم تكن مؤشر ضعف، بل نتاجًا لالتزام المؤسسة بقواعد التقييم المحاسبي الشفاف وتحمل المخاطر بطريقة احترازية.

من الناحية التشغيلية، حافظ البنك على قوته الهيكلية خلال الجائحة، حيث سجل أرباحًا بلغت 1,68 مليار درهم سنة 2020 و937 مليون درهم سنة 2021، بفضل حسن إدارة السيولة، واستقرار سعر الصرف، وتوجيه السياسة النقدية نحو دعم النشاط الاقتصادي دون الإخلال بالتوازنات الكلية.

إبتداءً من 2023، ظهرت نتائج التصحيح المالي بوضوح. إذ تمكن البنك من تحقيق فائض قياسي بلغ 5,1 مليارات درهم، ارتفع إلى 6,46 مليارات درهم في 2024، مدعومًا بتحسن عوائد الاستثمارات في الأصول الأجنبية، وبإعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية نحو أدوات طويلة الأجل أقل تقلبًا.

كما إرتفعت الإحتياطيات الرسمية إلى نحو 339 مليار درهم، فيما بلغت تدخلات البنك لتغطية عجز السيولة البنكية حوالي 137 مليار درهم في المتوسط الأسبوعي.

تؤكد هذه المؤشرات، أن بنك المغرب إستطاع الانتقال من مرحلة التصحيح إلى مرحلة النمو المالي المستدام، مستندًا إلى استراتيجية توازن بين الأمن والسيولة والعائد.

هذا الأداء يعكس مهنية عالية في إدارة المخاطر والتخطيط المالي، ويكرّس موقع البنك كأحد أبرز نماذج الحكامة الاقتصادية.

*الدكتور إدريس الفينة- جبير في الاقتصاد السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *