إذا كانت السياسة مدرسة للمسؤولية، فإن عبد الإله بنكيران قرر أن يجعلها سيركا مفتوحا، وهو المهرج الأعظم، والجمهور عاجز عن الهروب من كل كلمة غير محسوبة يطلقها.

فالأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق إختار مساراً في السياسة المغربية “ناقصا” بكل معنى الكلمة.
مساراً يحول كل كلمة يقولها وكل زلة يقدم عليها إلى قنبلة موقوتة تلقى في وجه المجتمعين، سواء في الواقع أو على منصات التواصل، مشعلة موجة من الغضب والسخرية المرة في آن واحد.

من نكتته على سكان بركان إلى تهكمه على العروبية، مروراً بسخريته من أهل سوس، يبدو بنكيران وكأنه يراكم الزلات كسجل شخصي للفكاهة السياسية.

يمارس لعبة خطرة، مزحة هنا، وتهكم هناك، وجملة واحدة كافية لتفجير منصات التواصل.

كل تصريح، حتى لو قدم على أنه “مزحة ودية”، يتحول إلى عرض مفتوح للجمهور الغاضب.

وهنا، تتضح المقارنة مع السيرك: المسرح، الأضواء، الميكروفون، والجمهور (المواطن المغربي)، الذي يجلس كمتابع عاجز، يشاهد المهرج الأكبر وهو يفتعل المفاجآت، ويزرع الغضب.

آخر حلقات هذا “المهرجان السياسي المستفز” استهدفت ناس بركان، حيث اضطر بنكيران لتقديم إعتذار رسمي بعدما سخِر من سكان المدينة أمام أعضاء المجلس الوطني لحزبه، مدعياً أن ما صدر عنه كان مجرد مزحة ودية مع فوزي لقجع. ربما الضحك الوحيد كان له وحده، فيما المنصات الاجتماعية إنفجرت بالغضب والسخرية، واصفة تصرفاته بـ”الاستفزازية واللامسؤولة”.

وأمام هذه السقطة، لا يمكن تجاهل حلقة القنيطرة، حيث عبر الرجل، قبل أسابيع قليلة، بنبرة غاضبة عن استيائه من نوعية الحضور: “جبتو لي غير العروبية، ندمت لاش جيت لقنيطرة”.

تصريح يبدو كأنه مأخوذ من نص مسرحية هزلية، يظهر بنكيران كممثل أول، والمواطنون كمتابعين عاجزين عن الصراخ أو الهروب من نكاته السخيفة.

أما إذا عدنا إلى سجل الزلات التاريخي للرجل، فنجد مشهدا لا ينسى في 2016، حين تساءل قائلا: “السوسي بشحال كايعيش كاع؟”.

لتتوالى ردود فعل نشطاء أمازيغ الذين خرجوا للاحتجاج، وأحرقوا صوره في وقفة بالدار البيضاء، في مشهد أصبح درساً صارخا في كيف تتحول الكلمات غير المحسوبة إلى صدمة جماهيرية حقيقية، وكأن المسرح السياسي أصبح ساحة ترفيهية لمزاح لا يضحك إلا بنكيران وحده.

بإختصار، بنكيران أصبح علامة تجارية للزلات السياسية: تصريح هنا، تهكم هناك، ومزحة تلهب منصات التواصل الاجتماعي. كل خطاب له فرصة لتفجير موجة جديدة من السخرية والغضب، وكأن المواطن المغربي أصبح جمهوراً حاضراً في برنامج كوميدي، حيث السياسي هو البطل والمستهدف في آن واحد.

وفي نهاية المطاف، ما يقدمه بنكيران تحت مسمى “مزحة ودية” ليس سوى محاولة يائسة لتغطية سنوات من التراكمات اللفظية الساخرة، التي لم تعد مضحكة إلا لمن يعيش في فقاعات مغلقة.

هكذا تبقى كلماته خصبة للتهكم والضحك المرير، بينما يبقى المغاربة مترقبين الحلقة القادمة من “عرض بنكيران”، متسائلين: هل سينتهي هذا المسرح الهزلي يوماً؟. ومتى سيدرك الرجل أن السياسة ليست غرفة ضحك خاصة؟.

 

الأكيد، أنه ضحك كالبكاء…إضحك يا بنكيران، على مغاربة سوس وعروبية الغرب وناس بركان الشرق… وأنت الذي ينعم في رغد العيش ومعاش ب 7 مليون كل شهر .
لكن تذكر عند الإمتحان يعز المرء أو يهان.. والمغاربة الذين قالوا كلمتهم في إمتحان 8 شتنبر 2021، هم المغاربة الذين سيعيدون قولها في إنتخابات 2026، مدوية في سمح الزمان بتصويت «تأديب» إبنكيران وحزبه.

*عادل الشاوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *