يستعرض عبد الكريم بلكندوز، الخبير في شؤون الهجرة، في الحوار التالي، أهمية الخطاب الملكي لعشرين غشت 2021 في رسم معالم خارطة طريق حقيقية لقطاع الجالية المغربية بالخارج وشؤون الهجرة.
ويكشف بعض العوائق التي حالت دون النهوض بقطاع الجالية، وسبل معالجتها في أفق تدارك” الوقت الضائع“..
حوار: نبيل توزاني
دعا الملك محمد السادس، في خطاب 20 غشت 2022 ، إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بالجالية المغربية بالخارج. ما هي سبل تحقيق ذلك، في نظركم؟
من البديهي أنه بعد الخطاب الملكي لعشرين غشت 2022، أصبح كل الفاعلين والمتدخلين والمعنيين بقطاع الجالية، معنيين بالسؤال حول ما الذي تحقق وما الذي يتعين القيام به مستقبلا بالنسبة إلى قطاع الجالية وشؤون الهجرة في أفق النهوض بالقطاع والتفاعل الإيجابي مع انشغالات وطموحات وانتظارات مغاربة العالم، إضافة إلى اعتماد سياسة ناجعة وشمولية في مجال الهجرة والمهاجرين واللجوء.
فالموضوع يهم الجميع.
من الملاحظ أنه مباشرة بعد الخطاب الملكي، بادر رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى ترؤس الاجتماع التاسع للجنة الوزارية المكلفة بالجالية المغربية بالخارج وشؤون الهجرة.
وحسب البلاغ الذي أصدرته رئاسة الحكومة في هذا الشأن، فإن هذا الاجتماع جاء في سياق العناية والرعاية التي يوليها الملك محمد السادس لشؤون وقضايا مغاربة العالم، ومن أجل تنزيل التعليمات الملكية المتجددة للنهوض بأوضاعهم.
والحكومة منحت لنفسها مهلة ثلاثة شهور لبلورة خارطة طريق في هذا الشأن.
خاصة فيما يتعلق بتحديث وتأهيل الإطار المؤسساتي الخاص بمغاربة العالم، وضمان تكامل والتقائية برامج عمل القطاعات.
لكن رغم ذلك، نلاحظ عدم وجود مؤشرات على بدء مشاورات موسعة لأن المسألة تتعلق بقطاع مهم، وبقضايا محورية.
بالمقابل، سجلنا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي انخرط ، في إطار إحالة ذاتية، في عملية الإعداد لبلورة رأي استشاري يخص سبل توطيد العلاقات الأساسية بين أفراد الجالية المغربية بالخارج والوطن الأم.
هذا الموضوع مهم، ولكن مقارنة مع مضمون الخطاب الملكي وما تضمنه من قضايا وملاحظات جوهرية تهم الجالية المغربية، فهي تبدو جزئية.
على كل حال، نحن ننتظر ما ستسفر عنه الأمور في القادم من الأيام.
يتعين أن ننبه، مرة أخرى، إلى أن الخطاب الملكي تضمن قضايا جوهرية في ما يتعلق بمغاربة العالم، ومنها القضايا الثقافية والارتباط الروحي بالوطن الأم والاستثمارات، وهي قضايا تسائل مختلف القطاعات، ولا ينبغي اختزال الأمر في قضايا جزئية.
دعا الملك، أيضا، إلى تحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بالجالية المغربية بالخارج، وكذا إعادة النظر في نموذج الحكامة، الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها، ما رأيكم بالنسبة إلى هذه المسألة؟
إن تحديث وتأهيل الإطار المؤسسي يشكل بداية الطريق للنهوض بأداء المؤسسات القائمة ذات الصلة بمغاربة العالم، ورفع أدائها.
من الملاحظ أن الخطاب الملكي لم يُسم أيا من المؤسسات التي أشار إليها والتي لها علاقة بقطاع الجالية. هناك عدة مؤسسات: مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، بنك العمل، مجلس الجالية، ثم قطاعات حكومية: وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، وزارة العدل، التربية الوطنية، التشغيل .. هناك عدة قطاعات معنية بالموضوع.
وقد ركز الخطاب الملكي على مسألة الحكامة وهو مفهوم شامل، ويكتسي أهمية، لأن الطموح هو الارتقاء بأداء المؤسسات وتحقيق الالتقائية في برامجها.
يلاحظ أن عددا من المؤسسات ظلت تشتغل خارج إطار الحكامة، فاللجنة الإدارية لمؤسسة الحسن الثاني لم تجتمع منذ فترة طويلة، ومجلس الجالية لم يضطلع بمهامه في مجال تقديم الآراء الاستشارية والتقارير الاستراتيجية التي تندرج ضمن اختصاصاته.
وبنك العمل لم يقم بدوره كما ينبغي في مجال تحفيز الاستثمارات..
فمسألة الحكامة مطروحة وكذا الالتزام بالضوابط القانونية المؤطرة لعمل المؤسسات المعنية بقطاع الجالية..
من بين أبرز الإشكاليات المطروحة على المستوى المؤسسي كثرة المتدخلين ، كيف السبيل إلى عقلنة هذا المجال؟
إن تنوع المتدخلين لا يطرح مشكلة في حد ذاته، لأن العبرة بتحديد اختصاصات كل مؤسسة وكل قطاع.
فكل مؤسسة لها نطاق عملها، وبالتالي، لا ينبغي أن يطرح تعدد المتدخلين أي مشكل..
