عاشت الجماهير المغربية ليلة مليئة بالتساؤلات بعد إطلاق صافرة نهاية مباراة “أسود الأطلس” أمام “نسور مالي” بالتعادل الإيجابي، ضمن الجولة الثانية من دور المجموعات لكأس أمم إفريقيا 2025.
ورغم بقاء المنتخب المغربي في صدارة مجموعته، إلا أن الأداء العام غيّر ملامح التفاؤل إلى موجة من الانتقادات الحادة التي طالت المدرب وليد الركراكي واختياراته الفنية، حيث ساد شعور بأن المنتخب لم يظهر بالهيبة المنتظرة منه كمرشح أول للقب.
خيارات تكتيكية تحت المجهر
لم يكن التعادل بحد ذاته هو المطلب الوحيد للانتقاد، بل الطريقة التي أديرت بها المباراة من دكة البدلاء، إذ انصب غضب المحللين والجماهير على ما وصفوه بالجمود التكتيكي الذي ظهر به المنتخب خاصة في الشوط الثاني.
ويرى منتقدو الركراكي أن إخراج إبراهيم دياز، مسجل الهدف الوحيد، كان خطأً فنياً جسيماً أفقد المجموعة محركها الهجومي في وقت كان يحتاج فيه “الأسود” لتعزيز التقدم، مما أدى لتراجع الضغط على دفاعات الخصم.
كما استمرت معضلة اللمسة الأخيرة في مطاردة الخط الأمامي، حيث فشل المهاجمون في ترجمة الاستحواذ الميداني إلى أهداف محققة، وهو ما ترافق مع انتقادات لتمسك المدرب ببعض الأسماء التي يبدو أنها استنفدت حلولها البدنية والتقنية، في مقابل تهميش مواهب شابة كانت قادرة على ضخ دماء جديدة وتغيير موازين القوى.
الركراكي يدافع: “التعادل درس إيجابي”
من جانبه، حاول وليد الركراكي امتصاص غضب الشارع الرياضي خلال ظهوره الإعلامي عقب المباراة، مؤكداً أن المواجهة كانت ذات مستوى عالٍ واتسمت بندية بدنية كبيرة تفرضها طبيعة المنافسات القارية.
وصرح الركراكي بأن مباريات “الكان” لا تُربح بسهولة، معتبراً أن هذا التعادل يمثل اختباراً حقيقياً للمجموعة قبل الدخول في غمار الأدوار الإقصائية التي لا تقبل الخطأ.
كما شدد الناخب الوطني على أن الحفاظ على صدارة المجموعة يبقى هو الهدف الأسمى في هذه المرحلة، داعياً الجماهير إلى عدم القسوة على اللاعبين بسبب هفوة دفاعية وحيدة أدت لهدف الخصم، ومعداً بالعمل على تصحيح الاختلالات قبل المباراة القادمة.
ضغط “الأرض والجمهور”
ومع اقتراب الجولة الثالثة والحاسمة، يبدو أن سقف التوقعات المرتفع يضع الركراكي تحت ضغط هائل لا يرحم، فالمشجع المغربي الذي يملأ جنبات الملاعب الوطنية لم يعد يرضى بمجرد الاكتفاء بالنتائج الرقمية، بل بات يطالب بالأداء المقنع والشخصية القوية التي ميزت ملحمة مونديال قطر.
إن اللعب على أرض المغرب يضاعف من حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجهاز الفني، حيث أصبح لزاماً على الركراكي إيجاد التوازن المفقود بين الانضباط الدفاعي والفعالية الهجومية لإعادة الطمأنينة لقلوب الملايين.
خلاصة القول
يواجه وليد الركراكي حالياً أصعب اختبار له منذ توليه المهمة، فإما أن يثبت أن “تعادل مالي” كان مجرد كبوة عابرة وجزءاً من استراتيجية طويلة الأمد لتدبير مجهود البطولة، أو أن يجد نفسه مضطراً لمواجهة تيار جارف من الانتقادات قد يعصف بحالة التلاحم والثقة التي بناها مع الجماهير طوال السنتين الماضيتين.
إدريس لكبيش/ Le12.ma
