شهدت حركة “GenZ212″، خلال الساعات الأخيرة، توتراً داخلياً غير مسبوق، كشف عن تصدّعات حقيقية داخل أجنحتها الجهوية، بالتزامن مع محاولات لتشكيل “تنسيق وطني” كان من المنتظر أن يضفي طابعاً تنظيمياً على تحركات الحركة الرقمية الأكثر إثارة للجدل خلال الأسابيع الأخيرة.
ففي بلاغ رسمي، صدر قبل ست ساعات فقط، صباح اليوم الاثنين 13 أكتوبر، أعلنت الحركة عن تبرؤها الكامل من صفحة تحمل اسم “GenZ212 سوس ماسة”، مؤكدة أنها “لا تتحمّل أي مسؤولية عن أي قرارات أو تصريحات صادرة عنها”، في إشارة صريحة إلى وجود محاولات متفرقة لإقامة تمثيليات جهوية خارج “الإطار الرسمي”.
البيان ذاته أشار إلى أن “عضوة سابقة في المجموعة غير الرسمية” (حورية ب.)غادرت صفوفها يوم أمس الأحد 12 أكتوبر، غير أن اسمها “استُعمل لاحقاً في بلاغات دون علمها”، وهو ما وصفته قيادة الحركة بأنه “تصرّف يفتقر للمشروعية التنظيمية”.
كما شدّد البلاغ على أن ما يصدر عن تلك الصفحة “لا يحظى بأي اعتماد رسمي” وأن أي إعلان يخصّ الهياكل أو الاتفاقات سيتم حصراً عبر الصفحات المعتمدة ومنصة Discord الخاصة بالحركة.
هذه اللغة الصارمة في البلاغ الأخير، والتي حملت نبرة تأديبية واضحة، تعكس، وفق مراقبين، احتدام الصراع الداخلي حول من يمتلك “الشرعية الرقمية” لتمثيل الحركة، خصوصاً في ظلّ الزخم الذي رافق تحركاتها الأخيرة ومحاولات بعض المجموعات المحلية توطين “التمثيل الميداني” في المدن الكبرى.
وتؤكد معطيات متقاطعة أن الخلافات تفاقمت مع انطلاق مشاورات لتشكيل هيئة تنسيق وطنية، كان يُفترض أن تضمّ ممثلين عن الجهات المختلفة، غير أن التباينات حول آليات الاختيار والتفويض الرقمي سرعان ما تحوّلت إلى خلافات حادة بين تيارين: الأول يدعو إلى مركزية القرار والحفاظ على وحدة القيادة، والثاني يطالب بتمثيلية جهوية موسعة تضمن استقلال القرار المحلي.
ويرى متابعون أن البلاغ الأخير، وإن حاول ضبط الانفلات التنظيمي، إلا أنه في الواقع كشف عن انقسامات بنيوية تهدّد بتفكك البنية التنظيمية الافتراضية للحركة، خاصة في ظلّ تزايد الطموحات الفردية لبعض النشطاء الجهويين، الذين يسعون لتثبيت حضورهم عبر صفحات فرعية ومجموعات مغلقة، فضلا عن الانزياحات المثيرة للجدل بمنصات الحركة في استضافة وجوه بخلفية سياسية معينة لحوارات إعلامية، في تناقض صارخ مع أدبيات الحركة، التي تعلن استقلاليتها وفقدان ثقتها في الأحزاب المغربية.
وفي قراءة أوسع، يرى مراقبون أن هذه الخلافات تأتي في سياق تراجع الزخم الاحتجاجي للحركة خلال الأيام الأخيرة، وهو ما دفع بعض أعضائها إلى محاولة إعادة التموضع داخل “هياكل جهوية” تتيح لهم مساحة أكبر من التأثير.
غير أن هذا التحول، وإن بدا في ظاهره سعياً نحو التنظيم، يكشف في عمقه عن أزمة قيادة وتشتت في الرؤية، ما يجعل الحركة أمام مفترق طرق بين الحفاظ على مركزيتها الرقمية أو الانزلاق إلى مشهد انقسامي يُفقدها تماسكها الرمزي ويبدد رصيدها الافتراضي…
- * “Le12.ma”: أحمد عبد ربه
