أصدرت محكمة الاستئناف بمراكش، أمس الخميس، قراراً حاسماً يُعدّ بمثابة انتصار صريح لحقوق المؤلفين والفنانين، وذلك بإصدار حكمها لفائدة كاتب كلمات أغنية “أنت باغية واحد”، سمير المجاري، وملحنها محمد الرفاعي، في مواجهة خليل بلقاس، المعروف بـ”ديجي فان”.
ويأتي هذا الحكم ليضع حداً لنزاع طويل الأمد حول العائدات الرقمية للأغنية التي اشتهر بها الفنان سعد لمجرد، وحققت انتشاراً واسعاً محلياً وعالمياً.
خبرة مالية تكشف مداخيل ضخمة
اعتمدت المحكمة في قرارها على خبرة مالية قضائية مفصلة، أكدت أن الاستغلال الرقمي للأغنية عبر منصات عالمية متعددة، في مقدمتها “يوتيوب” و”سبوتيفاي”، قد ولّد مداخيل تقارب مليوني درهم.
وكشفت الخبرة أن هذه المداخيل الضخمة جرى تحصيلها بالكامل لصالح “ديجي فان” دون باقي أصحاب الحقوق الأصليين.
في هذا الصدد، أوضح منير اليتربي، محامي كاتب الكلمات والملحن، أن أهمية هذا القرار تتجاوز حدود التعويض المالي، مشدداً على أن الحكم “يؤكد أن الإبداع جزء من الثروة الوطنية، وأن حماية حقوق المؤلف والملحن وفناني الأداء واجب قانوني صريح داخل المنظومة التي كرسها القانون 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة”.
وشدد اليتربي على أن التوجه القضائي ينسجم تماماً مع الرؤية الملكية التي تُصنف الثقافة والفن ضمن الثروة غير المادية للمملكة.
“أنت باغية واحد”.. محطة مفصلية في الأغنية المغربية
نوه محامي الطرفين بأن أغنية “أنت باغية واحد” لم تكن مجرد عمل فني عابر، بل كانت “محطة مفصلية غيرت أسلوب الأغنية المغربية وأسهمت في ترسيخ جيل جديد من الأغنية العصرية”.
وأكد في السياق ذاته، أن لكاتب الكلمات والملحن وفنان الأداء حقوقاً واضحة ومكفولة بموجب القانون ولا تقبل الجدل.
القرار يفتح نقاش العقود الرقمية
يرى متتبعون للشأن الفني والحقوقي أن هذا القرار الاستئنافي من شأنه أن يُشعل نقاشاً أوسع داخل الأوساط الفنية حول منهجية إبرام العقود الفنية في العصر الرقمي، وآليات تقاسم العائدات بين جميع الأطراف المعنية، وهو ما سيضمن حماية أكبر للمبدعين والمؤلفين من استغلال أعمالهم.
كما يعتبر البعض أن ما شهده ملف “أنت باغية واحد” يعزز من صورة المغرب كدولة تُرسخ مبادئ الحق والقانون في المجالين الثقافي والفني، ويوجه رسالة واضحة مفادها أن نجاح الأعمال الفنية لا يمكن أن ينفصل عن ضمان الحقوق المشروعة لأصحابها الأصليين.
هذا الحكم يمثل خطوة هامة في مسار حماية الملكية الفكرية بالمغرب، ويؤكد على أن صوت القانون أقوى من ضجيج النجاح العابر.
إدريس لكبيش / Le12.ma
