le12.ma -وكالات
قالت السلطات المغربية إن منظمة العفو الدولية “استمرت على نهجها المتسم بالنأي عن الموضوعية وإنتاج استنتاجات تعسفية”، من خلال “استعراض حالات معزولة وتقديمها باعتبارها قاعدة ثابتة والاكتفاء بترديد ادّعاءات وأخبار وإشاعات متداوَلة تكون زائفة في الغالب”.
وبخصوص تقرير المنظمة المتعلق باستعراض حالة حقوق الإنسان بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا لسنة 2018، أكدت سلطات المغرب أنه “في جزئه المخصص للمغرب، غضّت المنظمة الطرف عن التطورات الإيجابية اللافتة ودفعت إلى الواجهة ببعض الوقائع الملتبسة وكأنها حقائق دامغة”.
أما بشأن حرية التعبير، فأكدت السلطات المغربية أن ما أشارت إليه المنظمة من “إصدار أحكام بالسجن لمدد متفاوتة على عدد من الصحافيين والمواطنين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب تعبيرهم سلميا عن آرائهم عبر الأنترنت، يبقى تقييما فيه الكثير من التجاوز والإساءة، باعتبار أن الأشخاص المعنيين -على محدودية عددهم- فإن منهم من أدين بسبب جرائم الحق العام، مثل التحريض على الإرهاب والاغتصاب، إضافة إلى جرائم لا يمكن للصفة الصحافية أن تُحصّن أصحابها من المساءلة على أساسها.
وتابعت أن “الأحكام الصادرة كان مصدرها محاكم تتمتع بالاستقلال التام في إصدار أحكامها، وما زالت أغلب القضايا المشار إليها محلّ طعن أمام هيئات قضائية أعلى يبقى لها وحدها تقدير مدى صحة وملاءمة العقوبات الصادرة ضد المعنيين”. وفي ما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، أكدت السلطات المغربية أن “تقرير المنظمة لم يثر انتباههَ الحجم الواسع للنسيج الجمعوي الوطني، الذي يزيد عن 140 ألف جمعية، ولا المستوى المرتفع لنشاطه عبر ربوع الوطن، وسلط الضوء على حالات معزولة من المنع، لها سياقاتها وأسبابها”.
ويُستغرب في ظل هذا الوضع، بحسب السلطات المغربية، أن يشير تقرير المنظمة إلى موضوع فرض قيود على حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، ما يكذّبه واقع ممارسة العمل الجمعوي، الذي لا يعرف هذا النوع من القيود. كما أن ما اعتبرته المنظمة “قيودا” على دخول المنظمات الدولية إلى المغرب لإجراء بحوث حول حقوق الإنسان “تظل مجرد إجراءات مسطرية اعتيادية لا تشكل مسا بحرية الجمعيات في ممارسة أنشطتها وفقا للقانون.. ويكفي الإشارة إلى أن تنظيم فرع منظمة العفو الدولية في المغرب ندوتَها موضوع هذا البيان دون أي قيود أو مضايقات يعدّ مؤشرا دالا على انفتاح المملكة ومستوى حرية ممارسة العمل الجمعوي”.
وفي ما يتعلق بحرية التجمع، فإن “منظمة العفو الدولية، وقد حاولت الطعن في مستوى الممارسة الحقوقية الوطنية بهذا الخصوص، لم تجد سوى حالتين حسب تعبيرها، في سياق ما اعتبرته استخداما للقوة المفرطة أو غير الضرورية، ما يشكل استثناء لا قاعدة يقاس بها مستوى ممارسة حرية التجمع في المغرب، لا سيما أن الواقع يؤكد أنه لم يتم إصدار أي عقوبات سجنية في حق متظاهرين سلميين، كما جاء في التقرير، وإنما يتعلق الأمر بممارسات وأفعال مخالفة للقانون”.
أما ما وصفته منظمة العفو “محاكمات جائرة” وادعاءات “التعذيب”، فإن ما ورد في التقرير بخصوص “إدار المحاكم أحكاما بإدانة نشطاء إثر محاكمات فادحة الجور”، وأن “المحاكم اعتمدت فيها بنسبة كبيرة على الاعترافات المنتزعة تحت الإكراه”، فقالت السلطات المغربية إنه يعدّ “حكما يطعن في مصداقية المنظمة، التي لم تستطع تقديم أي معيار أو مؤشر يمكّنها من الوصول إلى هذا الاستنتاج العام”، لاسيما أن “المحاكمات المشار إليها في التقرير لم تكن محل ملاحظة مباشرة من المنظمة المذكورة.. فبأي حجة أو دليل يتم الانتهاء إلى هذا التوصيف؟.. كما أن القضايا المشار إليها ما زالت معروضة أمام القضاء، الذي يبقى وحده السلطة المختصة لتحقيق العدالة والانتصاف للمتقاضين”.
وفي مجال حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، وضّحت السلطات المغربية أنه “في الوقت الذي عُدّت التجربة المغربية لتسوية أوضاع المهاجرين وإدماجهم وتأهيل الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء سياسة إنسانية رائدة في المنطقة بحسب الآليات الدولية لحقوق الإنسان، فاجأتنا منظمة العفو الدولية بالقول إن السلطات “شنت حملة قمع واسعة النطاق تتسم بالتمييز استهدفت آلاف المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء.. إذ داهمت أحياء ومساكن عشوائية يسكنها لاجئون ومهاجرون واعتقلت آلاف المهاجرين من جنوب الصحراء، بينهم أطفال ونساء حوامل، بكيفية غير قانونية”.
ووضّحت أن هذا الأمر “ينمّ عن كون المنظمة غير مواكبة لحقيقة المجهودات التي تبذلها المملكة في هذا المجال، لا سيما تسوية الوضعية الإدارية للمهاجرين واللاجئين في المغرب منذ 2013. كما لم تعر اهتماما للمعطيات الوافية والنوعية التي تقدمت بها السلطات المغربية بمناسبة التفاعل مع التقرير السنوي لذات المنظمة برسم 2017”.
وعن القوانين المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء والإجهاض، “كان منتظرا من المنظمة أن تقدر عاليا إصدار القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، عوض تسليط الضوء على بعض القضايا كالاغتصاب الزوجي، الذي اتخذ بشأنه المغرب خيارا تشريعيا يجرّم كافة أشكال العنف ضد النساء، بغضّ النظر عن مرتكبيها، دونما حاجة إلى تبني تعبيرات وتوصيفات بعينها”.
وفي ما يتعلق بالإجهاض، “الذي لوحظ بشأنه تجاهل التقرير التطورَ الحقوقي الوطني”، فيُظهر أن “المنظمة أبت إلا أن تُعرِض عن مشروع القانون الجنائي الذي أعاد تنظيم موضوع الإجهاض بكيفية تراعي كافة الحالات المعتمدة في التشريعات الدولية المتقدمة المقارنة”.
أما بخصوص ما يسمى العلاقات الرضائية والمثلية، فقالت السلطات المغربية إنه “باعتبار المساواة وعدم التمييز مبادئ ذات قيمة دستورية، وبحكم أن القوانين الوطنية تجرّم كافة أشكال التمييز وتحمي السلامة النفسية والبدنية لكافة الأفراد، فإن ارتكاب أفعال العنف ضد أشخاص بسبب ميولاتهم وهوياتهم الجنسية تُعرّض أصحابها للمساءلة والمتابعة القضائية”. وذكّرت بأن “الحماية من العنف لا ترفع طابع التجريم عن العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، والتي لا تزال غير مقبولة اجتماعيا”.
وتأسّفت السلطات المغربية عن “سياسة الكيل بمكيالين عند تطرق التقرير لأوضاع حقوق الإنسان للمحتجَزين المغاربة في تندوف”، إذ “لوحظ أن هذا التقرير اكتفى بالإشارة إلى “تقاعس جبهة البوليساريو” مجددا عن محاسبة المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين في المخيمات”، دون اكتراث بـ”الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان والواقع اللا إنساني المأساوي الذي تعرفه ساكنة المخيمات حاليا بسبب احتجازها والمتاجرة في المساعدات الإنسانية الموجهة إليها”؛ علما بأنه “يفترض في المنظمة أن تورد ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في هذه المخيمات في الجزء المخصص من التقرير للجزائر، باعتبارها الدولةَ المسؤولة عن هذه الانتهاكات الجسيمة طبقا للقانون الدولي الإنساني”.
