في عالم الاستثمار الدولي، لا يتعلق النجاح بحجم السوق فحسب، بل بالقدرة على إيجاد التوازن المثالي بين العائدات المغرية والمخاطر الممكنة.
إ. لكبيش / Le12.ma
أكد تقرير “مؤشر المخاطر-العائدات لإفريقيا 2025” (Africa Risk-Reward Index)، الصادر عن شركة Control Risks بالتعاون مع Oxford Economics Africa، صدارة المغرب كأفضل وجهة استثمارية في القارة الإفريقية.
ويوضح التقرير أن المملكة تحقق التوازن الأمثل بين الجدوى القوية والمخاطر المحتملة للمستثمرين الدوليين.
جوهر المؤشر.. المخاطر مقابل العائدات
يعتمد التقرير على مؤشر العائدات/المخاطر (Reward/Risk)، الذي يقيس العلاقة بين مستوى المخاطرة والعائد المتوقع.
القاعدة الأساسية للمؤشر هي: كلما ارتفعت النسبة عن 1، يدلّ ذلك على أن العائد المحتمل يتجاوز المخاطر المصاحبة، ما يجعل السوق أكثر جاذبية للاستثمار.
صدارة المغرب المستحقة
حلّ المغرب في المركز الأول بمعدل 1.37، وهو ما يعكس بيئة استثمارية فريدة تجمع بين مخاطر منخفضة نسبيًا (3.88)، وعائدات جذابة (5.31).
ويُرجع التقرير هذا التميز إلى مجموعة من العوامل الأساسية التي عززت موقع المغرب مقارنة بتصنيف 2024، أهمها الاستقرار السياسي، والقوة الاقتصادية، والتنوع القطاعي، والموقع الاستراتيجي.
ترتيب الدول الرائدة الأخرى
جاءت دول إفريقية أخرى في قائمة المتصدرين، لكنها لم تبلغ مستوى التوازن الذي حققه المغرب، حيث احتلت موريشيوس المرتبة الثانية بنسبة 1.19، رغم أن عائداتها أقل من المغرب (3.87).
واحتلت كوت ديفوار المرتبة الثالثة بنسبة 1.18، تليها أوغندا وتنزانيا (1.16 و 1.14 على التوالي)، فيما سجلت مصر 1.06، حيث عوضت العائدات المرتفعة جدًا (6.42) المخاطر النسبية الأكبر (6.08).
تحت عتبة التوازن
سجلت بعض الدول نسبًا أقل من 1، ما يعني أن المخاطر فيها تفوق العوائد المتوقعة، وشملت رواندا (0.99)، غانا (0.98)، كينيا (0.92).
ومع ذلك، يبرز التقرير بوتسوانا كمثال للدولة ذات المخاطر المنخفضة جدًا (3.80) ولكن بعائدات متواضعة، ما يجعلها خياراً مثالياً للمستثمرين المحافظين الذين يبحثون عن الاستقرار في المقام الأول.
ثلاثة استنتاجات رئيسية
لخص التقرير توجهات السوق الإفريقية في ثلاث نقاط محورية:
ـ أهمية الإصلاحات: الدول التي تُنفذ إصلاحات سياسية واقتصادية مستدامة هي التي تحقق أفضل توازن في المؤشر.
ـ الفجوة المتزايدة: تتسع الفجوة بين الاقتصادات الإصلاحية والدول الكبرى مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا، التي تعاني من تحديات بنيوية وتباطؤ في النمو.
ـ الديناميات الإقليمية: الدول المتصدرة تستفيد غالبًا من انتمائها إلى منظومات إقليمية واعدة وتعتمد على سلاسل قيمة متنوعة بدلاً من مجرد الاعتماد على سوق محلية واحدة.
دلالات التقرير
بالنسبة للصناديق الاستثمارية والشركات متعددة الجنسيات، يُعد هذا التصنيف خارطة طريق لتوزيع رؤوس الأموال، إذ تكتسب الدول المتصدرة (كالمغرب، وكوت ديفوار، ومصر) مصداقية أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويؤكد التقرير أن الاستثمار الذكي في إفريقيا لا يقتصر على حجم السوق، بل يعتمد بشكل أساسي على قدرة الدولة على توفير بيئة مستقرة، متجددة، وذات عوائد واقعية.
المغرب بهذا التصنيف، يثبت أن تبني نهج قائم على الاستقرار والإصلاحات المستمرة هو مفتاح جني أقصى المكاسب من القارة الإفريقية.
