أعلنت المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي اليوم عن توصّلهما لاتفاق فلاحي معدّل يطوي صفحة الجدل حول تطبيق التعريفات التفضيلية على المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة.

تحليل إخباري / Le12.ma

بعد أشهر من التجاذبات القانونية والدبلوماسية، توصل المغرب والاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، إلى اتفاق فلاحي معدل يضع حدا للجدل بشأن تطبيق التعريفات التفضيلية على المنتجات الفلاحية القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة.

ذلك ما أعلنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الذي وصف الاتفاق بـ”نجاح المفاوضات بروح شراكة وتوافق”.

ويؤكد الاتفاق، وفق تصريح بوريطة، أن التعريفات التفضيلية، التي يمنحها الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية الشراكة مع المغرب، ستُطبّق على المنتجات القادمة من الصحراء المغربية، بما يعزز من الاعتراف الدولي بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية.

وأوضح الوزير أن الاتفاق المعدل يتضمن توضيحات حول منشأ المنتجات، بحيث سيحمل كل منتج فلاحي من جنوب المملكة ملصقا يحدد جهاته بدقة، من بينها العيون-الساقية الحمراء والداخلة-وادي الذهب.

أبعاد سياسية ودبلوماسية واضحة

على الرغم من أن الاتفاق قطاعي وتجاري بالأساس، إلا أنه يحمل رسائل سياسية ودبلوماسية مهمة. فقد استحضر النص مواقف الاتحاد الأوروبي بشأن الصحراء المغربية منذ 2019، كما أشار إلى دعم عدد من الدول الأعضاء لمبادرة الحكم الذاتي المغربية التي أطلقها الملك محمد السادس، مما يضع الاتفاق في سياق الاعتراف الدولي بالمقاربة المغربية في المنطقة.

ويعد الاتفاق بمثابة شهادة على المكانة الاستراتيجية للصحراء المغربية، التي يرى فيها المغرب “قطبا للاستقرار والتنمية الإقليمية”، وفق بوريطة. ويبرز هذا التوجه اهتمام القوى العالمية والإقليمية بالاستثمار في المنطقة، سواء من خلال المنتدى الاقتصادي المغربي-الفرنسي المزمع انعقاده بالداخلة، أو المبادرات الدولية الأخرى لتشجيع التجارة والاستثمار.

أثر اقتصادي ملموس

على المستوى الاقتصادي، من المتوقع أن يسهم الاتفاق في تعزيز الناتج الداخلي الخام الفلاحي، وخلق فرص شغل جديدة، لا سيما في المناطق الجنوبية، بما يدعم الدينامية التنموية التي يقودها المغرب.

كما يعزز الاتفاق الشراكة الاستراتيجية الطويلة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، التي تمثل المملكة أحد أبرز شركاء الاتحاد في إفريقيا والعالم العربي، مع حجم تبادلات تجارية سنوي يفوق 60 مليار يورو.

وبحسب بوريطة، فإن الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي لم تقتصر على المجال التجاري والفلاحي فحسب، بل تمتد إلى مجموعة واسعة من المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، إضافة إلى قطاعات الهجرة والأمن والرقمنة والثقافة.

تحديات وفرص مستقبلية

في سياق إقليمي يشهد أزمات هيكلية متكررة، يرى المغرب والاتحاد الأوروبي أن الاتفاق يشكل خطوة مهمة لتثبيت دينامية تعاون متقدمة، تؤسس لشراكة استراتيجية أكثر عمقا، قادرة على توجيه العلاقات خلال السنوات المقبلة، وضمان استقرار اقتصادي وتنموي في المناطق الجنوبية، وربط أوروبا وإفريقيا عبر محور تجاري متين.

وفي الختام، يمكن اعتبار هذا الاتفاق إشارة واضحة إلى نجاح الدبلوماسية المغربية في الدفاع عن ثوابتها الوطنية، وفتح أفق تعاون اقتصادي وتجاري يكرس مصالح المملكة ويعزز مكانتها الدولية، بما فيها في الصحراء المغربية، التي تتجه اليوم نحو مرحلة جديدة من الاعتراف الدولي والتنمية الاقتصادية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *