يكفي أن تصريح، أنطونيو غوتيريش، الذي كرس الثقة في الديمقراطية الناشئة في المملكة، جاء على بعد أسابيع، من دخول ملف الصحراء المغربية داخل أروقة الأمم المتحدة، مرحلة الطي النهائي.

محمد سليكي ( le12.ma)
من جديد ينهار رهان أعداء المغرب على إحتجاجات ذات طابع إجتماعي، لفرض تدخل خارجي في شؤون المملكة، ولو عبر كسب موقف من الأمم المتحدة.
لذلك فالموقف الذي أعلن عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشأن احتجاجات “جيل Z” في المغرب، حمل رسائل إيجابية إلى الداخل المغربي، بينما ضرب رهانات أعداء الوطن في مقتل.
يكفي أن هذا التصريح، الذي كرس الثقة في الديمقراطية الناشئة في المملكة، جاء على بعد أسابيع، من دخول ملف الصحراء المغربية داخل أروقة الأمم المتحدة مرحلة الطي النهائي.
موعد وحدث، لا شك أنهما كانا ضمن الأجندة التخريبية لأعداء المغرب، عن طريق الدفع شباب جيل Z إلى مواجهة الدول وإغراق البلاد في حمام دم، وتقديم المملكة بوجه ديكتاتوري أمام العالم.
بيد أن لا شيء من ذلك حصل، بعدما فرزت الاحداث الجارية، الشارع بين متظاهر سلمي، ومخرب مجرم.
وبين مطالب بمطالب إجتماعية، وبين من يقود من الخارج، حربا إلكترونية، تحريضية ضد إستقرار المغرب.
بين هذا وذلك، كرس المغرب خياره الديمقراطي، في تدبير هذه الاحتجاجات، بشكل متوازن يجمع بين إحترام الحق في التظاهر السلمي، وبين إعمال القانون في وجه المخربين.
تدبير توقف عنده تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالإشادة.
لذلك شكلت هذه التصريحات بشأن احتجاجات “جيل Z” في المغرب، محطة دبلوماسية لافتة أعادت رسم ملامح النقاش حول ما يجري في الشارع المغربي. ففي الوقت، الذي عبر فيه غوتيريش عن أسفه العميق لسقوط ضحايا ومصابين خلال الأحداث الأخيرة، لم يتردد في الإشادة بموقف الحكومة المغربية وإعلان استعدادها للحوار مع الشباب والاستماع لمطالبهم.
هذا الموقف الأممي يضع المغرب في خانة الدول، التي تُحسب لها مبادرة الانفتاح على الشارع بدل مواجهته بالإنكار أو الصمت، وهو ما يعكس وعياً رسمياً بأهمية التفاعل مع التحولات الاجتماعية الجديدة، التي يقودها الجيل الرقمي.
غير أن إشادة الأمين العام بالخطوة الحكومية لم تحجب إدانته الصريحة لأعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات. فقد شدد غوتيريش على أن التظاهر السلمي حق مشروع، لكن لا يمكن القبول بانزلاقه إلى أعمال عنفٍ تُزهق الأرواح وتدمر الممتلكات وتضرب في العمق أسس دولة القانون.
هذا التمييز بين الاحتجاج كآلية للتعبير الديمقراطي وبين العنف كجريمة يعكس إدراكاً أممياً بأن المعركة الحقيقية ليست مع مطالب الشباب، بل مع الانفلات الذي يحاول التشويش على وجاهة تلك المطالب وشرعيتها.
وهذه هي خلفية دعوة غوتيريش الصريحة إلى السلطات المغربية لفتح تحقيق عاجل ونزيه لمحاسبة المتورطين.
فهي تمثل رسالة مزدوجة: فمن جهة، هي تأكيد على ضرورة إرساء المساءلة والقطع مع الإفلات من العقاب، ومن جهة أخرى هي إشارة إلى أن المجتمع الدولي يتابع عن كثب مجريات الأحداث في المغرب، ويراهن على قدرة المؤسسات الوطنية على تقديم نموذج في احترام القانون والشفافية.
بهذا المعنى، يمكن القول إن موقف الأمم المتحدة يعكس معادلة دقيقة: دعم واضح للحكومة في انخراطها في الحوار، وتنديد لا لبس فيه بأي ممارسة عنيفة تهدد السلم الأهلي.
وهي معادلة تضع على عاتق السلطات المغربية تحدياً مضاعفاً: تثبيت خيار الانفتاح السياسي من جهة، وضمان عدم إفلات المتورطين في أعمال العنف والتخريب من العقاب من جهة أخرى.
في النهاية، تبقى رسائل غوتيريش بمثابة إنذار مبكر وجرس إنعاش في الآن ذاته: إنذار ضد العنف الذي يهدد بتحريف مسار احتجاجات “جيل Z” وتحويلها إلى صدام دموي.
وإنعاش لمسار الإصلاح من خلال الإعراب عن الوقوف إلى جانب المغرب والتنويه بالتعامل الحكومي الذي يدفع في اتجاه حوار صادق يعكس طموحات الشباب ويعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي للمغرب.
والإشادة الأممية بتكريس المغرب لإختياره الديمقراطي، وذلك على بعد أسابيع من دخول ملف الصحراء المغربية مرحلة الطي النهائي، داخل أروقة الأمم المتحدة.
إنها رسائل مطمئنة إلى الحكومة المغربية مختومة بتوقيع الأمين العام للأمم المتحدة، جاءت في تايمينغ سياسي دقيق تمر منه الديمقراطية المغربية الناشئة وقضية الصحراء المغربية، ما ضرب رهانات أعداء الوطن في مقتل.
