د. إدريس الفينة*
بعد حادث يوم الأحد المؤسف، الذي تعرضت فيه الكونفدرالية العامة للمقاولات المغربية “CGEM”، في شخص رئيسها السيد مزوار، لرد عنيف من قبَل وزارة الخارجية، التي يقودها السيد بوريطة، بسبب تصريح عدّه هذا الأخير غير مقبول، يُطرح سؤال جوهري حول الدور السياسي لرجال الأعمال عموما وحقهم في التعبير عن مواقفهم السياسية بدون استئذان مسبق وباستقلالية.
لا بد من التذكير بأن رجال الأعمال كانوا، دائما، رجال سياسة، وهو الدور الذي ما زال قائما إلى اليوم، سواء من خلال منظماتهم أم احزابهم أم مقاولاتهم، خصوصا الكبيرة والمؤثرة.
إن كل الدول، بما فيها المغرب، تستعين برجال الأعمال في سياساتها الداخلية والخارجية. ولا أظن ان هناك رئيس دولة يتحرك خارجيا دون اصطحاب رجال الأعمال، ما نجده، مثلا، في الإستراتيجية المعتمَدة لإعادة تموضع المغرب في القارة الإفريقية، إذ أن المقاولات تلعب دورا مهمّا في هذا المجال خدمة للقضية الوطنية ومصالح البلد، أولًا.
ولا بد كذلك من التذكير، أيضا، بأن رجال الأعمال كانت لهم في هذا المجال مواقف متميزة تُحسب لهم في فترات سابقة متعددة. ولا يجب أن ننسى أن دستور 2011 يعطي لرجال الأعمال، من خلال منظمتهم، موقعا على مستوى البرلمان، حيث تناقش كل القضايا بدون استثناء، الداخلية منها والخارجية.
إن البلاغ الصادر عن وزارة الخارجية، يوم الأحد، والذي استعمل مصطلحات غير مقبولة في حق منظمة مستقلة لرجال الأعمال وفي حق رجل دولة ووزير خارجية سابق، أمر تجب إعادة النظر فيه لأسباب متعددة؛ فالبلاغ ذهب إلى حد التشكيك في الشخص من قبَل وزير خارجية كان بالأمس الكاتب العامّ للسيد مزوار لمّا كان هذا الأخير وزير خارجية.
أكيدٌ أن السيد بوريطة تتبّعَ، في اليوم الموالي، ردود الفعل في البلد الجار (الجزائر) الذي لم يكترث مسؤولوه لهذا التصريح غير المعبر عن موقف المملكة. وأكيد أن السيد بوريطة يتتبع، يوميا، التصريحات المغرّضة في حق المملكة ووحدتها الترابية من قبَل مسؤولي هذا البلد الجار..
إن ما قام به السيد بوريطة في حق رئيس أقوى منظمة اقتصادية في المغرب سيجعل منها هيئة مسالمة وخنوعة وتابعة، في الوقت الذي تعرف كل الاحزاب إنذارا مقلقا.
إنالمغرب يحتاج اليوم إلى منظمات وأحزاب ونقابات قوية تسهم في النقاشات وفي خلق النخب السياسية القادرة على تدبير الشأن العامّ وليس إلى من يحاول تدجينها وترهيبها.
***
*رئيس “المركز المستقل للدراسات الإستراتيجية”
