في أعالي مرتفعات منطقة تزرين التابعة للجماعة الترابية تيدزي في إقليم الصويرة، ستفجع عائلة مقيمة في الدوار، مرتين في روح الأب والإبن في أيام معدودات.
غيثة الباشا -le12
من جديد تفجع عائلات في المغرب العميق في أحبتها وأقاربها، جراء لدغة الزواحف القاتلة من عقارب وثعابين وأفاعي.
في أعالي مرتفعات منطقة تزرين التابعة للجماعة الترابية تيدزي في إقليم الصويرة، ستفجع خلال الساعات الماضية، عائلة مقيمة في الدوار، مرتين في روح الأب والإبن في أيام معدودات.
قبل أيام فجعت هذه العائلة المكلومة في وفاة والدها بعدما لدغته أفعى، حيث سبق القدر تدابير البشر حين لبى نداء ربه.
بينما بدءت هذه العائلة تلمم جراء فقدان الأب، زارتها الأفعى السوداء لتذهب بروح واحد من أطفالها الصغار.
“نيوز الشياطمة”، التي نشرت خبرا حول الموضوع مرفقا بصورة لأفعى الغادرة، كتبت “رحيل الأب والابن بهذه الطريقة المأساوية خلف صدمة كبيرة وحالة حزن عميق في صفوف ساكنة المنطقة، التي عبرت عن غضبها واستيائها من غياب التدخلات العاجلة ووسائل الوقاية والمستعجلات الطبية لمواجهة مثل هذه الحوادث المتكررة”.
وتابع المصدر الإعلامي المحلي، “الأهالي يجددون مناشدتهم للجهات المسؤولة من أجل توفير الأمصال المضادة لسموم الأفاعي والعقارب بالمراكز الصحية القروية، وتكثيف حملات التوعية لحماية الأرواح البريئة من خطر يهدد حياة الساكنة خاصة في القرى والمداشر”.
يذكر أنه في يوليوز الماضي أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن انطلاق الأسبوع الوطني للتوعية والتحسيس بمخاطر لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وسبل مكافحتها والوقاية منها.
وسعى الأسبوع التحسيسي، الذي امتد إلى غاية 8 يوليوز، إلى تعزيز الوعي الوقائي وضمان الولوج المنصف للرعاية الصحية، وذلك تحت شعار: “لنحمي أنفسنا من تسممات الأفاعي والعقارب”.
وقد تم بتلك المناسبة تنظيم يوم دراسي خصص لإطلاق الأسبوع الوطني للتوعية والتحسيس بالمخاطر الناتجة عن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي، والذي احتضنه المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، بمشاركة ممثلين مؤسساتيين، ومهنيين في قطاع الصحة وممثلين عن المجتمع المدني.
وتم خلال ذلك اللقاء تسليط الضوء على الجهود المبذولة على الصعيد الوطني لمحاربة هذا النوع من المخاطر، وتقديم الإنجازات التي حققتها الاستراتيجيات الوطنية لمحاربة التسممات، ودعم معارف المهنيين الصحيين، وصناع القرار المحليين، وكذا تحسيس المواطنين بالمخاطر المرتبطة بالعقارب و الأفاعي السامة.
وأبرز الكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عبد الكريم مزيان بلفقيه، في كلمة بالمناسبة، أن هذا اليوم الدراسي يشكل محطة ملموسة للتأكيد على الالتزام الجماعي بمحاربة تسمم العقارب ولدغات الأفاعي.
وأضاف مزيان بلفقيه أن الوزارة، من خلال تنظيمها لهذا الأسبوع الوطني، تجدد التأكيد على أنها تجمعل من حماية الفئات الهشة، والحد من المخاطر، وتعبئة حميع الفاعلين المعنيين، إحدى أهم أولويات الصحة العمومية.
وأكد أن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي تشكل تحديا حقيقيا للصحة العمومية في المغرب، ولاسيما في المناطق النائية، مبرزا أن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية يسجل سنويا حوالي 25 ألف حالة لسعة عقرب و250 حالة للدغات الأفاعي.
وأوضح أن تدابير التكفل بالحالات الناتجة عن لسعات العقارب بالمغرب تعتمد على مقاربة علاجية متكاملة ترتكز على أسس علمية متينة، يدعمها العمل على نشر وحدات علاجية سنويا على مستوى جميع مناطق المملكة.
وأبرز أن هذه الوحدات العلاجية مصممة بشكل يأخذ بعين الاعتبار أنواع العقارب بالمغرب، ودرجة سميتها، مشيرا إلى أن هذه المقاربة تم اعتمادها على ضوء نتائج دراسات وبحوث علمية أُجريت على الصعيدين الوطني والدولي، حيث أبرزت محدودية فعالية مضادات السموم في الحد من الوفيات أو تحسين فرص العلاج، وهو ما أدى إلى سحب المصل المضاد من البروتوكول الوطني منذ سنة 2001.
وبخصوص التسمم الناتج عن لدغات الأفاعي، أكد بلفقيه أن الاستراتيجية الوطنية للعلاج تتضمن استخدام مضاد سموم خاص بأنواع الأفاعي الموجودة في المغرب، مبرزا أن الوزارة تؤمن سنويا توزيعه بحسب احتياجات المناطق، وبكميات كافية لضمان تكفل ملائم بالمرضى.
ومكنت هذه الاستراتيجيات الوطنية المتعددة القطاعات، بشكل كبير، من خفض نسبة الوفيات من 2.37 بالمئة إلى 0.14 بالمائة في حالات لسعات العقارب، ومن 7.2 بالمائة إلى 1.9 بالمائة بالنسبة للدغات الأفاعي، مؤكدا أن هذه المؤشرات تعكس مدى التقدم الملحوظ في مجال الصحة العامة، بفضل الالتزام الجماعي وفعالية التدابير التي يتم اتخاذها.
وأكد بلفقيه أنه على الرغم من هذه الإنجازات، يظل من الضروري مواصلة الجهود بالحزم نفسه لتحقيق هدف “صفر حالة وفاة”، مبرزا أنه، وإن كان ذلك صعبا، إلا أنه يظل هدفا مشروعا يكرس التزاما إنسانيا وأخلاقيا.
وشكل ذلك اليوم الدراسي مناسبة لتحفيز الفاعلين المحليين وتذكيرهم بأن معظم حالات التسمم الناتجة عن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي يمكن الوقاية منها من خلال العمل المنسق والمستمر والشامل.
